حينما يصاب الإنسان بآفة فقدان البصيرة LACK OF INSIGHT فإنّه يجد نفـسه بعيداً أو مبعداً عن الواقع المعاش بدون أن يعي ذلك، وبدون أن يدري. على كل منّا أن يعود إلى نفـسه يحاورها أوّلاً قبل أن يذهب لمحاورة الآخرين. إن من يتحدّث إلى نـفـسـه ويصارحها هو فقط وفقط من يمتلك بصيرة ويرى عالمه المحيط به كما هو لا كما يريده أو يتصوّره وفق علومه ومداركه وإعتباراته.
كنت أراهم ينتصبون على شاشات التلفزيون وهم يهرفون.. يتحدّثون عن الجن والشياطين... والرقية الشرعيّة... والسحر.... وغياب العقل، وكل أنواع الكذب والعهر.
نعم... إنّهم شيوخ السعوديّة، والكثيرون من شيوخ مصر.... ولكن يبقى في مصر شيوخ دين محترمين. لقد خرج علينا الأزهر الشريف منذ يومين ببيان يستنكر فيه الصمت "العالمي" على جرائم العدو الصهيوني: (( أدان الأزهر الشريف بشدة العدوان الصهيوني الإرهابي على مناطق في جنوب وشرق لبنان، وأسفر عن استشهاد وإصابة المئات من اللبنانيين، من بينهم نساء وأطفال، ونزوح الآلاف، في ظل صمت عالمي وأُممي غير مسبوق وغير مبرَّر. ويؤكد الأزهر أن هجوم الاحتلال الصهيوني على لبنان ما هو إلا دليل على نواياه الإجرامية، وسعيه ليل نهار لتحويل الشرق الأوسط إلى ساحة للحروب، وتوسيع رقعة الصراعات، لتشمل دولًا ومناطق أخرى، بعد أن حوَّل غزة إلى تلالٍ من الرُّكام وشلَّالات من الدماء، وآلاف من الضحايا المدنيين والأبرياء، بما يهدد مصير شعوب بأكملها))...كان ذلك ربّما يعطي الإحساس بوجود بعض التفاعل من قبل بعض شيوخ الأزهر مع مآسي المسلمين؛ لكن "الأزهر الشريف" لم يكن صريحاً، ولم يكن شجاعاً، ولم يكن واقعيّاً بحيث أنّه لم يتحدّث عن "الخذلان العربي" بشقّيه الرسمي والشعبي لما يجري في منطقتنا العربيّة من تحقير وإذلال لكل العرب، ولكل المسلمين. الأزهر لم يدع لحملة تبرّعات لصالح فلسطين ولبنان. الأزهر تغافل واقع العرب المزري وغطّى على ذلك بلوم العالم المحيط بنا.
المهم.. بقيّة شيوخ التعاسة لم يكن الأمر يعنيهم، ولا يهمّهم، ولم يحسّوا بمعاناة من كانوا يكذبون عليهم، ويخدّرونهم، ويفرضوا كل أبجديات التخلّف عليهم عبر تلك الشاشات التي فاق عددها المائة، وهي تفتح باحاتها لشيوخ التخلّف الذين بالفعل فرضوا كل الخرافات وكل الترهات وكل الخزعبلات على من كان يستمع إليهم.
يا شيوخ التعاسة... هل كل ما يصيبنا هو فقط لأنّنا لم نركع ولم نصلّ ولم نترك لحانا، ولم نفرض الجلابيب السوداء على نسائنا؟. لماذا لم يكن ذلك جزاء الكافرين، والملحدين، والمنافقين، والكذّابين من بني صهيون، ومن بني الكاوبوي الأمريكيين؟. لماذا لم يعاقب الله الإنجليز والألمان والفرنسيين والطليان؟. هل الله لا يعاقب غير المسلمين؛ لأنّهم لم يؤدّوا شعائرهم كما يجب؟. فكّروا فيها يا شيوخ التعاسة.
سؤال صغير ومتواضع وبرئ إلى حد كبير.... لماذا دمّرتم سوريا في عام 2012م ب"مجاهديكم" الأفذاذ الذين أتيتم بهم من كل حدب وصوب و"وبإسم الله" ليعيثوا فساداً وخراباً وتدميراً في سوريا؟. من أين وصلتكم الآوامر لكي تقوموا بذلك حينها، وهل عرفتم اليوم بأن ما قمتم به وقتها خدم اليهود اليوم في حربهم على غزّة وعلى لبنان... وكذلك على اليمن. ماذا لو أن سوريا كانت قد بقيت بكل قوّتها كما كانت قبل عام 2012م؟. فكّروا فيها.
أمّا شياطينكم، وسحرتكم، ورقياتكم، وبول بعائركم فهي فقط وفقط تعكس مقدار غبائكم وتخلّف تفكيركم.... وإنحسار مدارككم.
لا يوجد شيطان يمسكك من يديك ويبعدك عن مقاصدك الحسنة؛ فإن لم تكن أنت موسوساً، وضعيفاً، ومهووساً... وفاقداً للإرادة.... فليست هناك شياطين تمسك بيدك وتبعدك عن طريق الله.
لا يوجد على وجه الأرض من قد يسحركم إن أنتم فقط إمتلكتم ذرّة من إستخدام عقولكم، وإن أنتم إمتلكتم إرادة في داخل أنفسكم، وإن أنتم فتحتم أعينكم ونظرتم إلى العالم من حولكم.... وكيف يفكّر وينتج ويبدع غيركم.
كم من البشر الذين لم يشاركوكم إعتقاداتكم، ولم يفكّروا مثلكم.... لكنّهم بنوا أنفسهم، وطوّروا قدراتهم... وهم اليوم يقدرون على هزيمة من كذبتم عليهم وخدّرتموهم، وفرضتم الذل والمهانة عليهم؟.
ليلتكم يا شيوخ التعاسة مليئة بالمخاوف والإرتعابات.... وفعائل السحرة التي لا تنفع فيها ولا تغيّرها الرقيات..... سواء كانت "شرعيّة" أو "غير شرعيّة"..... أو كانت "متواترات"
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
الرجاء وضع تعليقك