حينما لا يحترم المرء نفسه، وحينما تهون عليه كرامته؛ فإنّ غيره حتماً سوف يستغلّه، ويستضعفه.... ويضحك عليه.
كلّنا ربّما يعرف بأن أمريكا تواصل ومنذ عدّة آسابيع الضغط على حماس لتقبل هدنة وتبادل أسرى بشروط وإملاءات صهيونيّة واضحة. أمريكا تدخل بكل قوّتها، وبكل جبروتها، وبكل ثقلها من أجل حماية إبنتها المدلّلة دولة الصهاينة، وعلى حساب كل العرب وكل المسلمين؛ فقط لأنّهم لا يعنون شيئاً لأمريكا، ولا قيمة لهم عندها. أمريكا ترى العرب والمسلمين على أنّهم من الرعاع، ومن التافهين الذين لا يسوون شيئاً أمام شعوب العالم "المتطوّر" ...شمال أمريكا وغرب أوروبا.
أمريكا تشغّل كل ثقلها في المنطقة، وتفرض قوّتها التعسّفيّة على حكّام العرب الذين هي من كان قد صنعهم، وهي من يحمي لهم عروشهم، وهي من تقدر على أن تحني لهم رؤوسهم، أو أنّهم هم لتبعيّتهم وغياب القيم الأخلاقيّة عندهم يحنون طواعية رؤوسهم لأمريكا كي تستمر في حماية عروشهم لهم، وحمايتهم من شعوبهم التي هي بدورها تم إذلالها، وتم ترويضها بعوامل التجويع، والتحقير، والتخويف، والتعنيف.
شعوبنا العربية والإسلامية ليس لها في بلدانها غير الإذعان أو الهجرة؛ أمّا حريّة التعبير، وحريّة التظاهر، وحريّة الإنتقاد، وحريّة الإختيار، وحريّة الإنتخاب فهي لم تخلق لنا أبناء وبنات منطقتنا العربية والإسلاميّة. نحن شعوب مهزومة، ومحبطة، ومنتخلّفة... ومضطهدة في بلداننا؛ ولا وقت لنا في التفكير في التحرّر أو الإنعتاق أو حتى التعبير عمّا يختلج بدواخلنا.
دعوني أعود بكم إلى الجواهر والأساسيّات حتى نرى كلّنا الطريق واضحاً أمام أعيننا، ومن بعدها فليختار كل منّا النهج الذي يناسبه:-
- الدول الإستعماريّة التي نعرفها عبر التاريخ: بريطانيا، فرنسا، البرتغال، إسبانيا، إيطاليا، ألمانيا، بلجيكا، وأمريكا.
- الدول التي إحتقرت شعوب العالم وإستحوذت على خيراتها: بريطانيا كانت السبّاقة في هذا المجال، وفرنسا كانت التالية لها.
- الدول التي كانت بالفعل ومازالت عنصريّة: بريطانيا وفرنسا.
- إنّهم هم – وهم وحدهم – من كان قد صنع الطالبان، والقاعدة، وداعش وبقيّة التنظيمات الإرهابيّة التي خلقوها، ودرّبوها وسلّحوها وأنفقوا عليها. تلك التنظيمات الإرهابيّة كانوا قد صنعوها بالتعاون مع حقراء الوهابيّة والسلفيّة السعوديّة المتكلّسة. كان الهدف الوحيد من إنشاء تلك التنظيمات الإرهابيّة هو فقط وفقط الإساءة إلى كل الحركات النضاليّة بإسم الله، وكل فصائل المقاومة ألإسلاميّة.
- كل المناضلين وفي أيّ مكان في العالم أُعتبروا "إرهابيين" من قبل مضطهديهم ومستعمريهم: عمر المختار، بطرس لامومبا، نيلسون مانديلا، أميلكار كابرال، دلال المغربي، جميلة أبو حيرد... وغيرهم كثير. كل أولئك وصمهم أعدائهم بالمخرّبين والإرهابيين، والخارجين عن القانون.
- إيطاليا وصمت الليبيين المحاربين لها ب"الفلّاقة" والتي تعني "مخرّبين" و إرهابيين، وكذلك فعلت بريطانيا وأمريكا وفرنسا، وغيرها من الدول الإستعماريّة.
هذا يذكّرنا يقيناً بأن وصم "حماس" بالجماعة الإرهابيّة من قبل الصهاينة، ومن قبل كل المستعمرين الغربيين بما فيهم وللأسف الأمريكان هو مجرّد كذب، ووسيلة لمحاربة الحركات الوطنية المناضلة بهدف تدميرها وقتل روح النضال في عقول وتفكير أهالي البلاد.
حماس ليست تنظيماً إرهابيّاً، ولا هي كما يصفها الحقراء من حولنا، ولكن حماس هي جماعة نضالية وطنيّة تسعى للتحرّر من سيطرة الصهاينة الذين إستولوا على أرض أجدادها وإفتكّوها منهم.
من هنا أنا لا يمكنني على الإطلاق تصنيف حماس أو أي من الجماعات الفلسطينية المناضلة بأنّها إرهابيّة أو خارجة عن القانون. كل الجماعات الفلسطينية هي تنطيمات وطنيّة مقاتلة، وعلينا بأن نقولها عالية ومدوّية في وجوههم الحقراء الذين لا هم لهم غير إذلالنا بهدف السيطرة وعلينا وإستغلالنا.
وعودة إلى رأس الموضوع... على حماس بأن تكون شديدة المراس، وقويّة الإحساس، وصعبة بأن تهزم أو تداس. إن كل ما يحاولون الآن فرضه على حماس هو لهدف واحد ووحيد... هزيمتها والقضاء عليها.
المؤسف له، والمحزن بالفعل هو أن حكّام العرب الأنذال هم بأنفسهم يتعاونون مع الصهاينة وبآوامر أمريكيّة لكي يضغطوا على حماس وفرض الأمر الواقع عليها.
إن الورقة القويّة والأخيرة عند حماس هي "الأسرى" الصهاينة. نعم؛ إن قوّة حماس ومكانتها تكمن في كيفية تعاملها مع "أسرى الصهاينة". تلك هي بالفعل ورقة الضغط، وتلك هي بمثابة "القنبلة الذريّة" في أيدي أبطال حماس المغاوير.
على حماس بأن تكون قويّة، وثابتة، وواثقة، وقادرة، ومتماسكة. فطالما إحتفظت حماس بأسرى الصهاينة؛ طالما حافظت هي على موقعها القوي في مسيرة النظال ضد المحتل.
على حماس عدم التفريط في الأسرى، وعدم المقايضة بهم إلّا على شروطها "القويّة" والحادة والعنيفة. على حماس، وبقية جماعات النضال الوطني الفلسطيني أن يكونوا نبهين ومنتبهين. إن كل ما سوف يقال لهم في تلك الإجتماعات المبرمجة ، وكل الوعود التي تعطى لهم، وكل التطمينات التي قد يعطيها لهم حكام العرب الخانعين هي فقط وفقط كذب وخداع، ولا يمكن لا يمكن الوثوق بها أو المحافظة عليها. فبمجرّد أن تسلّم حماس أسراها من الصهاينة سوف يقوم نتنياهو الحقير بمسح "رفح" وأهلها من على الأرض. سوف يحوّل رفح إلى خراب، وأهلها إلى مدفونين تحت التراب.
إن ما يمنع نتن ياهوه من الإقدام على دخول رفح ليس معارضة حاكم مصر الخانع والذليل، وليس تطمين أمير قطر المعيّن من عندهم، ولا هو كلام ملك الآردن الذي يتبعهم؛ ولكن فقط وفقط خوف نتن ياهوه من ثورة عنيفة في داخل فلسطين المحتلة من قبل ذوي الأسرى من الإسرائيليين.
إن هو نتن ياهوه قرّر الهجوم على رفح فعلى حماس أن تقتل كل الأسرى وتظهر جثثهم على وسائل الإعلام حتى تنقلب دولة الصهاينة عن بكرة أبيها. على حماس أن تعمل ذلك تدريجيّاً... أي ربّما عشرة قتلى في كل مرّة مع تهديد بالمزيد وبطرق أعنف. على حماس أن تقوم بمقابلات تلفزيونيّة مسجّلة للأسرى الصهاينة وهم أحياء، وتطلب منهم الإبتهال لحكّامهم بأن يعملوا على تحريرهم، وبعد يومين أو ثلاثة تنشر حماس صورهم وهم قتلى. تلك هي الوسيلة الوحيدة التي تمتلكها حماس للضغط على الصهاينة، وهي الورقة الرابحة في حربها مع نتن ياهوه ومناصريه العنصريين من أشباه بن غفير وسموتريتش، وحينها فقط ربّما يمكن للفصائل الفلسطينية المناضلة أن تنتصر.
ختاماً... تحيّة لغير العرب من كل شعوب العالم التي خرجت لمناصرة الشعب الفلسطيني بعد أن خذلته كل الشعوب العربية. تحيّة على وجه الخصوص لإيران، ولتركيا بموقفها الأخير بوقف التعامل التجاري مع الصهاينة. تركيا كما نعرف هي من كان قد سلّم فلسطين للبريطانيين ومن أيديهم للصهاينة، وتركيا مهما تفعل من أجل فلسطين فهي سوف لن تعوّض ما فعلته بعد هزيمتها في الحرب العالمية الأولى. تركيا بوسعها أن تكون مؤثّرة، وكذلك إيران.. فعلينا أن نقف معهما ونشجّعهما، وليذهب حكّام العرب للجحيم. يومكم سعيد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
الرجاء وضع تعليقك