لا يـمـكـنـك أن تـبـنـي بــلــداً بـدون حــكــم ديــمــوقــراطــي. إن الــديــمــوقــراطــيّــة تـعــنـي حــريّــة الــشــعــب فــي أن يــخــتــار مـن يــحــكـــمــه، وأن يــعــتــرض حــيــنــمــا الـحــاكــم يــظــلـــمــه، وأن يــغـــيّــره ثــم يــحــاســـبــه.
إن المتتبّع لتاريخ العرب خلال القرنين الماضيين يرى بكل يسر وسهولة بأن كل الشعوب العربيّة تعيش في عالم مليء بالآنانيّة والتسلّط ورغبة التملّك والإستحواذ من ناحية من يحكمون العرب، وقبول الشعوب العربيّة صاغرة بكل ما يقذف إليها وكأنّها قطيعاً من الغنم يهيم في صحراء قاحلة يفرح بكل ما يقذف إليه ولو كان رديئاً.
لماذا يا عرب... يا سادة ويا سيّدات... لماذا نحن وصلنا إلى هذا العجز والفشل والهوان والإرتماء.... وغياب النخوة في دواخلنا؟. لماذا نحن هكذا مهزومين، ومستصغرين، ومستضعفين.... ومن غيرنا محتقرين؟.
أنا ربّما أعرف لماذا. علينا بأن ننظر إلى دولة الصهاينة"إسرائيل"، ولنتخذ منها مثالاً قد نتعلّم منه. "إسرائيل" أنشئت في عام 1948م ، وكانت قد أنشئت على أعقاب العرب المهزومين حينها وحتى اليوم، وعلى ترابهم الذي يقولون بأنّه "مقدّس".
"إسرائيل" هذه عدد سكّانها 6 مليون يهودي، وهي محاطة بكل الأعداء، ومن كل مكان. "إسرائيل" يا سادة أصبحت اليوم أكبر قوة في كل الشرق الأوسط، وربما من بين أقوى العشرة الأوائل في كل العالم... لماذا؟.
لأن "إسرائيل" هي بالفعل تحكم شعبها ب"الديموقراطيّة"... نعم "الديموقراطيّة" يا عرب. أنتم - يا شعوب العرب - يحكمكم الأنذال بقوّة الغطرسة، وبفعل التعنيف، وبأثر الترهيب. الذين حكمونا وما زالوا يحكموننا وقفوا بيننا وبين "التقدّم"، وقفوا بيننا وبين "الحريّة"، وقفوا بيننا وبين "بناء أنفسنا". إنّهم حقّرونا وإحتقرونا حتى تمكّنوا من تدجيننا. أصبحنا اليوم كشعوب عربيّة لا يهمّنا غير إيجاد كسرة الخبز لنملأ بها بطوننا؛ أمّا الحريّة، والتحرّر، وفرض إرادتنا على من يحكمنا فهي أصبحت وللأسف من "الرفاهيّات" التي لا نقدر على توفيرها لأنفسنا.
نحن شعوب مهزومة، ومن هزمنا وفرض علينا الهزيمة هم حكّامنا، ومن فرض حكّامنا علينا هم "الكفّار" الذين يكرهوننا لأننا عرب، ويكرهوننا لأنّنا مسلمين. فنحن في نظرهم وتفكيرهم برابرة، وغلاظ، وإرهابيين، ومتخلّفين. وربّما هم على حق.
في عمق المعمعة، وفي وسط الحرب التي يشنّها جيشهم على أهل غزّة؛ وبرغم كل المخاطر الماثلة أمام جيشهم، وإحتماليّة حدوث مفاجآت غير متوقّعة قد تهدد كيانهم عن بكرة أبيه.... برغم كل ذلك، وفي وسط المعمعة يخرج الإسرائيليّون علنا وبكل ثقة، وبدون خوف... يخرج الإسرائيليّون في تل أبيب والقدس للشوارع ليسبّوا رئيس وزرائهم، وينعتونه بكل العبارات القذرة، ويطالبوا بإستقالته أو إقالته وهو يقود حرباً قد تكون مصيرية بالنسبة لهم. لم يمنعهم أحد من الخروج، ولا من التعبير عن سخطهم على رئيس حكومتهم.... فقط وفقط؛ لأنّهم يعيشون في دولة ديموقراطيّة. علينا الإعتراف بذلك فقط لأنّه حقيقة واقعة وماثلة أمام أعيننا، ولا يمكننا إنكارها.
هل يستطيع أي شعب عربي أن يفعل ذلك وفي أية دولة عربيّة؟. أجيبوا على ذلك السؤال بكل صدق؛ وحينها سوف تعرفوا لماذا تنفق بلداننا مليارات مليارات من الدولارات لتسليح جيوشها؛ لكن تلك الجيوش لا تعرف كيف تحارب، وإن حاولت فإنّها حتماً ستنهزم... وتاريخنا يخبرنا بهزائمنا وأسبابها.
لماذا تكدّس البلاد العربية كل أنواع الأسلحة التي تستوردها ممّن يكرهها؟. متى سوف تستخدم جيوشنا العربيّة تلك الأسلحة المكدّسة، وضد من؟. هذا هو سؤال آخر يبحث عن إجابة صادقة. ليلتكم سعيدة، ويتقبّل الله صيامكم وصلاتكم وتهجّداتكم وإبتهالاتكم. تصبحون على خير؛ وعيدكم هو يوم "الإربعاء".... وممكن أنّكم تدفعوا زكاة الفطر بالدينار.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
الرجاء وضع تعليقك