في هذه الحياة لا يمكنك التواصل مع كل إنسان، ولا تستطيع أن تبلّغ رسالتك إلى حيث تريد. ذلك بكل يقين لا يمنعك من الكتابة والإستمرار في مشروعك "التنويري"، بل على العكس تماماً... عليك كتابة المزيد.
دكتورة ليبيّة ومتخصّصة كتبت منذ عدة أيّام في صفحتها: عندما تحس بنبضات قلبك تتسارع وتتضارب وتحسّ بتضيق في صدرك ما عليك إلّا أن تبتهل إلى الله كي يخفّف عنك...
حينما قرأت تلك العبارات وأنا أعرف بأنّها من دكتورة في الطب، ولها تخصّصها الذي لن أذكره هنا لأن الموضوع إطلاقاً ليس شخصيّاً، ولا شخصنة هنا على الإطلاق؛ فالشخصنة بالنسبة لي هي ليست من ثقافتي ولا هي من خصالي. المهم أنّني حينما قرأت ما كتبت تلك الدكتورة، ردّيت عليها قائلاً: كأطباء، حينما يأتي إلينا أيّ مريض يشتكي من إضطراب في نبضات القلب لا نقول له "أذهب وأدعو ربّك ليشفيك"، وإنّما نكشف عليه ونشخّص علته ومن بعدها نصف له الدواء المناسب، وقد يحتاج المريض أحياناً لمخفّظات تأثير الأدرينالين من أمثال بيتابلوكرس 阝-Blockers، وكان ذلك أقرب إلى المزاح منه إلى الجد. الدكتورة ردّت معلّقة: لا تفقد إيمانك بالله !!.
ذلك الرد لم يثيرني، مع أنّني بصدق إستغربت أن يأتي من شخص درس الطب وتعرّف على الأمراض وتدرّب على ممارسة المهنة. الذي شد إنتباهي بالفعل هو شخص "متصابئ" وأقولها متصابئ بملء الفم كان ربّما في قراراة نفسه يريد أن يتقرّب إليها... فكتب في صفحتها معلّقاً على تعليقي أنا: لا تهتمي بما يكتب، "أنا متأكّد" بأنه ينكر وجود الله، وهو علماني كافر.
الذي أثار إهتمامي لم يكن ما كتبه ذلك الشخص، وإنّما قوله "أنا متأكّد"... أنا بصدق لا أعرفه ولا هو يعرفني إطلاقاً؛ فكيف به "متأكّد"؟ّ.
من هنا، وأنا أكتب في موضوع السحر والإعتقادات الخاطئة أحسست بأنّني أحياناً أتحدّث إلى "حيطان" وإلى بشر كانوا بالفعل قد جبلوا على تصديق الترهات التي توارثوها عن أجدادهم أو شيوخ دينهم بدون التوقّف عندها أو البحث في مصداقيّتها. الكلام بكل تأكيد لا يشمل قرائي الأعزّاء وقارئاتي العزيزات الذين أحترمهم وأتفاعل معهم وأرحّب دوماً بتعليقاتهم ووجهات نظرهم. أنا أقصد هنا - وفقط - من بصدق أحاول تغيير معتقداتهم البالية. أولئك ربّما لا تصلهم كلماتي ولا يقرأون ما أكتب، لكنّني أؤمن بنظرية "الإنتشار العرضي" للثقافة أو المعرفة أو المعلومة.
ماذا أعني بالإنتشار العرضي Horizontal Spread ?. في هذه الحياة لا يمكنك التواصل مع كل إنسان، ولا تستطيع أن تبلّغ رسالتك إلى حيث تريد. ذلك بكل يقين لا يمنعك من الكتابة والإستمرار في مشروعك "التنويري"، بل على العكس تماماً... عليك كتابة المزيد. هناك من يقرأ ما تكتب، وهناك من يتابعك، وهناك من قد يستفيد. كل شخص له محيطين به، وكل محيط بك له محيطين آخرين، والآخرين لهم محيطين... وهكذا. قد يتذكّر بعضكم نظرية "الآنابيب المستطرقة"، حيث أن لمس أنبوبة واحدة قد يسقط كل الآنابيب المجاورة !!.
المخفيّات المخيفات... إلى أين؟
المقصود من سؤالي هو: وماذا عسانا أن نفعل؟.
الإيمان بتلك "الخرافات" يعبر من جيل إلى جيل، ولا أراه قد يتوقّف عند زمن ما. لا أدري لماذا؛ لكنّني أعتقد بأن البشر هم هكذا، وهكذا خلقهم الله. لابد لبعض البشر من "الإرتكان" إلى "قوى خفيّة" للإستمرار في الحياة. هناك من لم يتعلّم، وهناك من تعلّم ولم يستفد، وهناك من إستفاد لكنّه لم يتمكّن من ترك تلك المعتقدات، وهناك من مازال يعيش الشك في مخّه... وهناك، ربّما من "يتندّر بها" !!.
بالنسبة ل"شيوخ الدين"، أعتقد بأنّهم يعتبرونها جزءاً مكمّلاً للإيمان، أي أن إيمان البشر لا يصلح بدون الإعتراف بوجودها، والإيمان بتأثيرها على الناس بدون أن يستفسروا عن الكيفية (الأليّة) التي تؤثّر بها تلك "المخفيّات" على الناس. أنا لا ألوم "رجال الدين"، فهم تلك هي ثقافتهم، وذلك هو تعليمهم. ذلك ما يتعلّمونه من كتبهم، ومن أترابهم، ومن "رموزهم"، ومن من سبقوهم ويعتبرونهم "سلفهم الصالح" الذي لا يخطئ ولا يمكن مخالفته.
دعوني أعود إلى صلب الموضوع... سرّ تأثير "المخفيّات" أو "الكوامن" أو "اللامدركات" أو ال"ماوراء الطبيعة"؛ ولماذا يخاف بعض الناس منهم لدرجة الإرتعاب والعصاب والهلوسة... والهذيان أحياناً؟.
أنا شخصيّاً أرى بأنّه وبكل يقين "غياب المعرفة"، وكذلك "غياب التدبّر"، وربّما غياب "ملكة التحدّي" ... غياب الشجاعة. ومهما يكن من أمر، فإنّ الإيمان بتلك "المخفيّات" هو كالإيمان بالخرافات، والإعتقاد بالمجاهيل... إنّه "التخوّف من المجاهيل" xenophobia، وهي حالة نفسانية يعاني منها الشخص في داخله، أحياناً مع شعوره بتواجدها، وأحياناً تعيش في عالمه "الغير مدروك" Subconscious mind، وتلك قد يكون من الصعب إجتثاثها.
المهم والمؤكّد واليقيني هو أن كل الأمثلة العشرة التي ذكرتها في الحلقة السابقة تحت بند "المخفيّات المخيفات" هي تتعلّق بعالم الغد "المجهول". عالم الغد هو بالفعل بالنسبة لنا نحن البشر يعتبر عالماً مجهولاً مهما إجتهدنا في التنبوء به. أنا أعرف بأن خبراء الأرصاد الجويّة هم ربّما من أكثر الناس تنبوءاً بالمستقبل... فتلك هي مهنتهم !!. هناك أيضاً خبراء الجراثيم والأوبئة Epidemiology والجائحات Pandemics، وكذلك علماء المال ورجال الأعمال، ومتتبّعي البورصة، والعاملين في السياحة... كل أولئك يتنبأون بالمستقبل، ومصالحهم تعتمد بشكل كبير على "التنبوء بالمستقبل". والسؤال الذي يطرح نفسه بكل سهولة: هل بوسعنا التنبوء بالمستقبل، وكم هي درجة اليقين بالنسبة لنا كبشر في ذلك؟.
أنا أعرف الإجابة، وأنا أثق في معرفتي ثقة كبيرة. لا يعلم الغيب غير الله... والله فقط. تلك هي الحقيقة التي يتوجّب على كل إنسان وفي أيّ زمان الإيمان بها والوثوق بها والإحتساب على ضوئها. لا يعلم الغيب غير الله - والله فقط - لكل من يظن بأنّ الله قد يطلع على غيبه بعض البشر، وعلى أن الأنبياء يعلمون الغيب. لا يعلم الغيب غير الله، وتلك هي بديهية وعلينا الإعتقاد اليقيني بها. إعتقادنا بها ليس فقط لإعترافنا بوجودها، أو تحدّثنا عنها، أو التلفّظ بها... علينا "الإيمان بذلك" في داخل عقولنا وفي عميق تفكيرنا وفي قرارات أنفسنا. لا يعلم الغيب غير الله، وكان الله قد قالها بكل صراحة: {{قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ}}، {{وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ}}، {{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ}}، والآيات كثيرة التي تحدّثت عن الغيب؛ لكنّني هنا أضيف بأن الأنبياء لا يعلمون الغيب إلّا بما يسمح الله لهم به: {{قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ}}، {{ قُل لَّا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ۚ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ}}... إذاً، هذا الجانب أعتقد بأنّه لا خلاف عليه.
من هنا، وحيث أنّنا ربما إتفقنا على أن الغيب هو بيد الله، والله وحده؛ فعلينا الآن العودة بعقولنا إلى تلك "المخفيّات المخيفات"... كلّها وبدون إستثناء "تتنبأ" بالمستقبل، ومن ثم فهي "دجل" و"كذب"، و"فريّة" أو "إفتراء"، و"بهتان". من يصدّقها فهو مخالف لأمر الله كما أرى أنا ذلك، ولكل شخص أن يحكم بما يريد.
ختاماً... بالنسبة لموضوع "تفسير الأحلام"؛ هو بكل تأكيد ليس من تلك "المخفيّات المخيفات"، لكنّه مسألة يتوجّب عليّ التنبيه إليها. تفسير الأحلام قد يربك بعض الناس، وقد يفسد عليهم برامج حياتهم، وقد يدخلهم في مخاوف لا مبرر لها. تفسير الأحلام هو "ضرباً من المستقبل"، وهو يعتبر "تدخّلاً" في أمر الله، وهو "هرطقة" بكل معاني الكلمة. إنّه - من وجهة نظري - ممارسة مخالفة لأوامر الله، ويجب الإقلاع عنها وتجنّبها.
وكما ذكرت كثيراً، فإنّني لا ألوم على المتاجرين بالدين، ولا على المخادعين بإسم الله؛ وإنّما ألوم على كل من يصدّقهم ويرهن حياته ومستقبله بين أيديهم وهو "الآن" يعرف بأنّهم من "الكذّابين"....
يومكم سعيد، والأكثر من ذلك فإنّ مصائركم هي بيد الله، ولا يملك أي كان ومهما كان أية سيطرة عليكم أو على حياتكم، ولا يقدر على إيذاءكم إلّا وأن تسمحوا له أنتم بذلك. فكونوا أقوياء وواثقين... فمستقبلكم هو ملك أيديكم، وأنتم من يقدر على رسم معالمه. أنتم من يقدر على رسم معالم يومكم وملامح مستقبلكم؛ فإبدأوا أنتم الخطوة الأولى، ومن بعدها أتركوا الأمر لله.
دكتورة ليبيّة ومتخصّصة كتبت منذ عدة أيّام في صفحتها: عندما تحس بنبضات قلبك تتسارع وتتضارب وتحسّ بتضيق في صدرك ما عليك إلّا أن تبتهل إلى الله كي يخفّف عنك...
حينما قرأت تلك العبارات وأنا أعرف بأنّها من دكتورة في الطب، ولها تخصّصها الذي لن أذكره هنا لأن الموضوع إطلاقاً ليس شخصيّاً، ولا شخصنة هنا على الإطلاق؛ فالشخصنة بالنسبة لي هي ليست من ثقافتي ولا هي من خصالي. المهم أنّني حينما قرأت ما كتبت تلك الدكتورة، ردّيت عليها قائلاً: كأطباء، حينما يأتي إلينا أيّ مريض يشتكي من إضطراب في نبضات القلب لا نقول له "أذهب وأدعو ربّك ليشفيك"، وإنّما نكشف عليه ونشخّص علته ومن بعدها نصف له الدواء المناسب، وقد يحتاج المريض أحياناً لمخفّظات تأثير الأدرينالين من أمثال بيتابلوكرس 阝-Blockers، وكان ذلك أقرب إلى المزاح منه إلى الجد. الدكتورة ردّت معلّقة: لا تفقد إيمانك بالله !!.
ذلك الرد لم يثيرني، مع أنّني بصدق إستغربت أن يأتي من شخص درس الطب وتعرّف على الأمراض وتدرّب على ممارسة المهنة. الذي شد إنتباهي بالفعل هو شخص "متصابئ" وأقولها متصابئ بملء الفم كان ربّما في قراراة نفسه يريد أن يتقرّب إليها... فكتب في صفحتها معلّقاً على تعليقي أنا: لا تهتمي بما يكتب، "أنا متأكّد" بأنه ينكر وجود الله، وهو علماني كافر.
الذي أثار إهتمامي لم يكن ما كتبه ذلك الشخص، وإنّما قوله "أنا متأكّد"... أنا بصدق لا أعرفه ولا هو يعرفني إطلاقاً؛ فكيف به "متأكّد"؟ّ.
من هنا، وأنا أكتب في موضوع السحر والإعتقادات الخاطئة أحسست بأنّني أحياناً أتحدّث إلى "حيطان" وإلى بشر كانوا بالفعل قد جبلوا على تصديق الترهات التي توارثوها عن أجدادهم أو شيوخ دينهم بدون التوقّف عندها أو البحث في مصداقيّتها. الكلام بكل تأكيد لا يشمل قرائي الأعزّاء وقارئاتي العزيزات الذين أحترمهم وأتفاعل معهم وأرحّب دوماً بتعليقاتهم ووجهات نظرهم. أنا أقصد هنا - وفقط - من بصدق أحاول تغيير معتقداتهم البالية. أولئك ربّما لا تصلهم كلماتي ولا يقرأون ما أكتب، لكنّني أؤمن بنظرية "الإنتشار العرضي" للثقافة أو المعرفة أو المعلومة.
ماذا أعني بالإنتشار العرضي Horizontal Spread ?. في هذه الحياة لا يمكنك التواصل مع كل إنسان، ولا تستطيع أن تبلّغ رسالتك إلى حيث تريد. ذلك بكل يقين لا يمنعك من الكتابة والإستمرار في مشروعك "التنويري"، بل على العكس تماماً... عليك كتابة المزيد. هناك من يقرأ ما تكتب، وهناك من يتابعك، وهناك من قد يستفيد. كل شخص له محيطين به، وكل محيط بك له محيطين آخرين، والآخرين لهم محيطين... وهكذا. قد يتذكّر بعضكم نظرية "الآنابيب المستطرقة"، حيث أن لمس أنبوبة واحدة قد يسقط كل الآنابيب المجاورة !!.
المخفيّات المخيفات... إلى أين؟
المقصود من سؤالي هو: وماذا عسانا أن نفعل؟.
الإيمان بتلك "الخرافات" يعبر من جيل إلى جيل، ولا أراه قد يتوقّف عند زمن ما. لا أدري لماذا؛ لكنّني أعتقد بأن البشر هم هكذا، وهكذا خلقهم الله. لابد لبعض البشر من "الإرتكان" إلى "قوى خفيّة" للإستمرار في الحياة. هناك من لم يتعلّم، وهناك من تعلّم ولم يستفد، وهناك من إستفاد لكنّه لم يتمكّن من ترك تلك المعتقدات، وهناك من مازال يعيش الشك في مخّه... وهناك، ربّما من "يتندّر بها" !!.
بالنسبة ل"شيوخ الدين"، أعتقد بأنّهم يعتبرونها جزءاً مكمّلاً للإيمان، أي أن إيمان البشر لا يصلح بدون الإعتراف بوجودها، والإيمان بتأثيرها على الناس بدون أن يستفسروا عن الكيفية (الأليّة) التي تؤثّر بها تلك "المخفيّات" على الناس. أنا لا ألوم "رجال الدين"، فهم تلك هي ثقافتهم، وذلك هو تعليمهم. ذلك ما يتعلّمونه من كتبهم، ومن أترابهم، ومن "رموزهم"، ومن من سبقوهم ويعتبرونهم "سلفهم الصالح" الذي لا يخطئ ولا يمكن مخالفته.
دعوني أعود إلى صلب الموضوع... سرّ تأثير "المخفيّات" أو "الكوامن" أو "اللامدركات" أو ال"ماوراء الطبيعة"؛ ولماذا يخاف بعض الناس منهم لدرجة الإرتعاب والعصاب والهلوسة... والهذيان أحياناً؟.
أنا شخصيّاً أرى بأنّه وبكل يقين "غياب المعرفة"، وكذلك "غياب التدبّر"، وربّما غياب "ملكة التحدّي" ... غياب الشجاعة. ومهما يكن من أمر، فإنّ الإيمان بتلك "المخفيّات" هو كالإيمان بالخرافات، والإعتقاد بالمجاهيل... إنّه "التخوّف من المجاهيل" xenophobia، وهي حالة نفسانية يعاني منها الشخص في داخله، أحياناً مع شعوره بتواجدها، وأحياناً تعيش في عالمه "الغير مدروك" Subconscious mind، وتلك قد يكون من الصعب إجتثاثها.
المهم والمؤكّد واليقيني هو أن كل الأمثلة العشرة التي ذكرتها في الحلقة السابقة تحت بند "المخفيّات المخيفات" هي تتعلّق بعالم الغد "المجهول". عالم الغد هو بالفعل بالنسبة لنا نحن البشر يعتبر عالماً مجهولاً مهما إجتهدنا في التنبوء به. أنا أعرف بأن خبراء الأرصاد الجويّة هم ربّما من أكثر الناس تنبوءاً بالمستقبل... فتلك هي مهنتهم !!. هناك أيضاً خبراء الجراثيم والأوبئة Epidemiology والجائحات Pandemics، وكذلك علماء المال ورجال الأعمال، ومتتبّعي البورصة، والعاملين في السياحة... كل أولئك يتنبأون بالمستقبل، ومصالحهم تعتمد بشكل كبير على "التنبوء بالمستقبل". والسؤال الذي يطرح نفسه بكل سهولة: هل بوسعنا التنبوء بالمستقبل، وكم هي درجة اليقين بالنسبة لنا كبشر في ذلك؟.
أنا أعرف الإجابة، وأنا أثق في معرفتي ثقة كبيرة. لا يعلم الغيب غير الله... والله فقط. تلك هي الحقيقة التي يتوجّب على كل إنسان وفي أيّ زمان الإيمان بها والوثوق بها والإحتساب على ضوئها. لا يعلم الغيب غير الله - والله فقط - لكل من يظن بأنّ الله قد يطلع على غيبه بعض البشر، وعلى أن الأنبياء يعلمون الغيب. لا يعلم الغيب غير الله، وتلك هي بديهية وعلينا الإعتقاد اليقيني بها. إعتقادنا بها ليس فقط لإعترافنا بوجودها، أو تحدّثنا عنها، أو التلفّظ بها... علينا "الإيمان بذلك" في داخل عقولنا وفي عميق تفكيرنا وفي قرارات أنفسنا. لا يعلم الغيب غير الله، وكان الله قد قالها بكل صراحة: {{قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ}}، {{وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ}}، {{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ}}، والآيات كثيرة التي تحدّثت عن الغيب؛ لكنّني هنا أضيف بأن الأنبياء لا يعلمون الغيب إلّا بما يسمح الله لهم به: {{قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ}}، {{ قُل لَّا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ۚ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ}}... إذاً، هذا الجانب أعتقد بأنّه لا خلاف عليه.
من هنا، وحيث أنّنا ربما إتفقنا على أن الغيب هو بيد الله، والله وحده؛ فعلينا الآن العودة بعقولنا إلى تلك "المخفيّات المخيفات"... كلّها وبدون إستثناء "تتنبأ" بالمستقبل، ومن ثم فهي "دجل" و"كذب"، و"فريّة" أو "إفتراء"، و"بهتان". من يصدّقها فهو مخالف لأمر الله كما أرى أنا ذلك، ولكل شخص أن يحكم بما يريد.
ختاماً... بالنسبة لموضوع "تفسير الأحلام"؛ هو بكل تأكيد ليس من تلك "المخفيّات المخيفات"، لكنّه مسألة يتوجّب عليّ التنبيه إليها. تفسير الأحلام قد يربك بعض الناس، وقد يفسد عليهم برامج حياتهم، وقد يدخلهم في مخاوف لا مبرر لها. تفسير الأحلام هو "ضرباً من المستقبل"، وهو يعتبر "تدخّلاً" في أمر الله، وهو "هرطقة" بكل معاني الكلمة. إنّه - من وجهة نظري - ممارسة مخالفة لأوامر الله، ويجب الإقلاع عنها وتجنّبها.
وكما ذكرت كثيراً، فإنّني لا ألوم على المتاجرين بالدين، ولا على المخادعين بإسم الله؛ وإنّما ألوم على كل من يصدّقهم ويرهن حياته ومستقبله بين أيديهم وهو "الآن" يعرف بأنّهم من "الكذّابين"....
يومكم سعيد، والأكثر من ذلك فإنّ مصائركم هي بيد الله، ولا يملك أي كان ومهما كان أية سيطرة عليكم أو على حياتكم، ولا يقدر على إيذاءكم إلّا وأن تسمحوا له أنتم بذلك. فكونوا أقوياء وواثقين... فمستقبلكم هو ملك أيديكم، وأنتم من يقدر على رسم معالمه. أنتم من يقدر على رسم معالم يومكم وملامح مستقبلكم؛ فإبدأوا أنتم الخطوة الأولى، ومن بعدها أتركوا الأمر لله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
الرجاء وضع تعليقك