كل شئ في هذه الحياة يبدأ بحلم، والعاقل هو من يبحث عن أية وسيلة تمكّنه من تحقيق ما يحلم به. حينما تعجز عن تحقيق حلمك المرسوم سلفاً عليك بأن لا تفقد الأمل، بل أن تحلم من جديد ومن ثمّ أعادة البحث عن وسائل أخرى تعينك على تحقيق حلمك.
عندما كان الطاغية القذّافي يحكم ليبيا وكانت أموال الليبيّين تبعثر في كل مكان لكنّها لم تجد طريقها نحو إسعاد الليبيّين أو تخفيف أعباء الحياة عنهم.... كنت أقول حينها: واحسرتاه على ليبيا، وأسفاه على هذا الشعب الطيّب الذي يستحق كل الخير وكل العطف وكل الحنان.
كان همّي الشاغل - وهو هم كل ليبي وليبيّة مخلصين - هو كيف يمكن التخلّص من نظام القذّافي، او كيف يمكن تغييره.
ظلّت تلك الأحلام تراودني - كما هي بكل تأكيد كانت تراود كل ليبي وليبيّة يحبّون بلدهم - إلى أن قامت الثورة التونسيّة وحينها أحسست أنا شخصيّاً بأّن شرارة الثورة في تونس سوف تنتقل إلى ليبيا، وبالفعل كانت أوّل شرارة للتغيير قد ومضت في ليبيا يوم 16،15، 17 فبراير 2011 في مدينة بنغازي التي كانت أبداً عصيّة على الطاغية القذافي.
حينما خرجت جماهير الشعب الليبي من شباب وشابّات حالمين بغد بهيج وهم عاقدون العزم وبكل قوّة على إحداث التغيير في ليبيا أيّام 17، 18، 19 فبراير في ميدان الشهداء بطرابلس إستجابة لنداء الحريّة الذي كانت أصداءه تأتي من الشرق الليبي؛ قلنا وقتها بأن نظام القذّافي بدأ يحتضر، وبالفعل ما هي إلاّ بضعة أشهر من العناء والعذاب والدماء والجروح وقوافل الشهداء حتى حانت ساعة الصفر للطاغية كي يرحل، وما لبث أن رحل - ولكن ليس إلى مبتغاه وإنّما إلى مصيره الذي كان ينتظره ... المصير الذي كان يستحقّه - حتّى علت الصيحات من كل الحناجر وإرتسمت الإبتسامات على كل الوجوه، وَوُلِد الأمل من جديد في آحاسيس الليبيين وآحاسيس الليبيّات في كل بقعة من بلادنا الطيّبة بعد أن كان قد مات... أو ربّما أصدق بأن أقول، كان قد قتل.
كم كانت الفرحة كبيرة يومها، وكم كان الحلم في قلوبنا وفي عقولنا أوسع من الكون كلّه. بدأت حينها أحلم بليبيا الجديدة.... متحضّرة، متمدّنة، متطوّرة، واعده، صاعدة، ومتنوّرة. كنت أقول لنفسي وقتها... لقد حانت ساعة الوفاء للوطن... علينا بأن نبدأ من الآن في المساهمة في بناء ليبيا والدفع بها نحو الغد المنشود. كنت أقول لنفسي.... ليبيا سوف لن يبنيها غير أهلها، وليبيا سوف تزدهر بأراء وأفكار ومجهودات ومساعي متعلّميها ومثقّفيها وأصحاب الخبرات الحياتيّة والمهنية فيها.... وبدأ الحلم يكبر ويتسع حتى عجز فضاء الكون عن إحتوائه.
ظننت توّها بأن أبناء وبنات ليبيا سوف يكونون على قلب واحد وسوف يتعاملون مع بعض بحب واحد، وسوف ينظرون إلى الغد بحلم متوافق ومتناسق ومتناغم... كنت أظن بأن ليبيا شعبها متجانس ومتوانس ومتحاب ومتقارب ومتجاذب ولا يوجد في ليبيا ما بإمكانه التفريق بين أبناء وبنات شعبها؛ فنحن في ليبيا لا توجد لدينا طوائف ولا توجد لدينا مذاهب ولا تفرّق بيننا شعاب ولا مسارب. قلت في نفسي بأن ليبيا سوف تكون جوهرة الشمال الأفريقي، وسوف تقفز ليبيا راكضة إلى الأمام حتى تتفوّق على جميع جيرانها بما حباها الله من خيرات ومن شعب طيّب مجتهد ليس له من حب غير ليبيا.
بدأت وقتها أعد العدة للتفكير في مشاريع مستقبليّة لبلدي من الزراعة إلى الصناعة إلى البحث عن بدائل حيوية للنفط إلى الإستفادة من مصادر بلادنا الطبيعيّة من شمس مشرقة وشواطئ نظيفة بمياهها الدافئة الهادئة وبرمالها الذهبيّة... قلت في نفسي علينا بأن نحوّل هذه الرمال إلى ذهب، وتلك الشموس إلى طاقة، ومياه البحر إلى وديان عذبة تصب في تراب ليبيا فتحوّله إلى خضرة دائمة وحدائق خلاّبة. قلت حينها يمكننا تحسين التعليم، وتحسين الخدمات، وتحسين علاقاتنا مع الآخرين بحيث تتحوّل ليبيا إلى محج لكل من يبحث عن السعادة، ولكل من يعشق الحريّة.... كنت أحلم، وكانت أحلامي أوسع من الخيال، لكنّني كنت سعيداً بكل ذلك.
لم يخطر ببالي مطلقاً بأنّه يوجد في بلادي من سوف يتآمر عليها، ومن سوف يبيعها رخيصة للنخاسّة وممتهني المؤامرات. لم يخطر ببالي بأنّه من الممكن أن يتواجد في ليبيا من سوف يخونها، ويهينها، ويتنازل عليها. كنت أظن بأنّنا شعب منسجم ومتناغم ومتوافق ومتسامح... وبتلك الخواص الحميدة سوف لن يدخل بيننا الغرباء لأنّهم سوف لن يجدوا بيننا منفذاً يمكنهم عبوره للتفريق بيننا... لكنّني في هذه ربما كنت واهماً... بالفعل أنا في هذه كنت خياليّاً ومتجاهلاً.
الآن وبعد كل الذي حدث.. أعود إلى نفسي أحدّثها من جديد متسائلاً بكل عبوس وبكل إحباط وبكل حسرة: هل يمكننا الحفاظ على ليبيا كما إستلمناها من الطاغية القذّافي، وليكن ذلك أقصى ما يتسنّى لنا الحلم بمثله؟.
ألا لعنة الله على كل من كان السبب في هذا العناء، وهذا الألم... كل هذا الشقاء الذي فرض على أهلنا فحوّل أحلامهم إلى كوابيس، وآمالهم إلى يأس، وإبتساماتهم إلى عبوس وإكتئابات. اللهم يا رب إنّني أسألك اللطف بنا، والعفو عنّا، ورفع هذا البلاء عن كواهلنا؛ فأنت وحدك من يقدر على إنتشالنا من هذا العناء وإبعاد شياطين الإنس عنّا، فهم على علمك بطروا وتكبّروا وتعالوا وطغوا. اللهم يا رب أرنا فيهم يوماً شبيهاً بيوم الحساب عندك حتّى نتخلّص من سوءهم ومكرهم وخبثهم وكذبهم ودجلهم وعبثهم.... يا رب العالمين.
عندما كان الطاغية القذّافي يحكم ليبيا وكانت أموال الليبيّين تبعثر في كل مكان لكنّها لم تجد طريقها نحو إسعاد الليبيّين أو تخفيف أعباء الحياة عنهم.... كنت أقول حينها: واحسرتاه على ليبيا، وأسفاه على هذا الشعب الطيّب الذي يستحق كل الخير وكل العطف وكل الحنان.
كان همّي الشاغل - وهو هم كل ليبي وليبيّة مخلصين - هو كيف يمكن التخلّص من نظام القذّافي، او كيف يمكن تغييره.
ظلّت تلك الأحلام تراودني - كما هي بكل تأكيد كانت تراود كل ليبي وليبيّة يحبّون بلدهم - إلى أن قامت الثورة التونسيّة وحينها أحسست أنا شخصيّاً بأّن شرارة الثورة في تونس سوف تنتقل إلى ليبيا، وبالفعل كانت أوّل شرارة للتغيير قد ومضت في ليبيا يوم 16،15، 17 فبراير 2011 في مدينة بنغازي التي كانت أبداً عصيّة على الطاغية القذافي.
حينما خرجت جماهير الشعب الليبي من شباب وشابّات حالمين بغد بهيج وهم عاقدون العزم وبكل قوّة على إحداث التغيير في ليبيا أيّام 17، 18، 19 فبراير في ميدان الشهداء بطرابلس إستجابة لنداء الحريّة الذي كانت أصداءه تأتي من الشرق الليبي؛ قلنا وقتها بأن نظام القذّافي بدأ يحتضر، وبالفعل ما هي إلاّ بضعة أشهر من العناء والعذاب والدماء والجروح وقوافل الشهداء حتى حانت ساعة الصفر للطاغية كي يرحل، وما لبث أن رحل - ولكن ليس إلى مبتغاه وإنّما إلى مصيره الذي كان ينتظره ... المصير الذي كان يستحقّه - حتّى علت الصيحات من كل الحناجر وإرتسمت الإبتسامات على كل الوجوه، وَوُلِد الأمل من جديد في آحاسيس الليبيين وآحاسيس الليبيّات في كل بقعة من بلادنا الطيّبة بعد أن كان قد مات... أو ربّما أصدق بأن أقول، كان قد قتل.
كم كانت الفرحة كبيرة يومها، وكم كان الحلم في قلوبنا وفي عقولنا أوسع من الكون كلّه. بدأت حينها أحلم بليبيا الجديدة.... متحضّرة، متمدّنة، متطوّرة، واعده، صاعدة، ومتنوّرة. كنت أقول لنفسي وقتها... لقد حانت ساعة الوفاء للوطن... علينا بأن نبدأ من الآن في المساهمة في بناء ليبيا والدفع بها نحو الغد المنشود. كنت أقول لنفسي.... ليبيا سوف لن يبنيها غير أهلها، وليبيا سوف تزدهر بأراء وأفكار ومجهودات ومساعي متعلّميها ومثقّفيها وأصحاب الخبرات الحياتيّة والمهنية فيها.... وبدأ الحلم يكبر ويتسع حتى عجز فضاء الكون عن إحتوائه.
ظننت توّها بأن أبناء وبنات ليبيا سوف يكونون على قلب واحد وسوف يتعاملون مع بعض بحب واحد، وسوف ينظرون إلى الغد بحلم متوافق ومتناسق ومتناغم... كنت أظن بأن ليبيا شعبها متجانس ومتوانس ومتحاب ومتقارب ومتجاذب ولا يوجد في ليبيا ما بإمكانه التفريق بين أبناء وبنات شعبها؛ فنحن في ليبيا لا توجد لدينا طوائف ولا توجد لدينا مذاهب ولا تفرّق بيننا شعاب ولا مسارب. قلت في نفسي بأن ليبيا سوف تكون جوهرة الشمال الأفريقي، وسوف تقفز ليبيا راكضة إلى الأمام حتى تتفوّق على جميع جيرانها بما حباها الله من خيرات ومن شعب طيّب مجتهد ليس له من حب غير ليبيا.
بدأت وقتها أعد العدة للتفكير في مشاريع مستقبليّة لبلدي من الزراعة إلى الصناعة إلى البحث عن بدائل حيوية للنفط إلى الإستفادة من مصادر بلادنا الطبيعيّة من شمس مشرقة وشواطئ نظيفة بمياهها الدافئة الهادئة وبرمالها الذهبيّة... قلت في نفسي علينا بأن نحوّل هذه الرمال إلى ذهب، وتلك الشموس إلى طاقة، ومياه البحر إلى وديان عذبة تصب في تراب ليبيا فتحوّله إلى خضرة دائمة وحدائق خلاّبة. قلت حينها يمكننا تحسين التعليم، وتحسين الخدمات، وتحسين علاقاتنا مع الآخرين بحيث تتحوّل ليبيا إلى محج لكل من يبحث عن السعادة، ولكل من يعشق الحريّة.... كنت أحلم، وكانت أحلامي أوسع من الخيال، لكنّني كنت سعيداً بكل ذلك.
لم يخطر ببالي مطلقاً بأنّه يوجد في بلادي من سوف يتآمر عليها، ومن سوف يبيعها رخيصة للنخاسّة وممتهني المؤامرات. لم يخطر ببالي بأنّه من الممكن أن يتواجد في ليبيا من سوف يخونها، ويهينها، ويتنازل عليها. كنت أظن بأنّنا شعب منسجم ومتناغم ومتوافق ومتسامح... وبتلك الخواص الحميدة سوف لن يدخل بيننا الغرباء لأنّهم سوف لن يجدوا بيننا منفذاً يمكنهم عبوره للتفريق بيننا... لكنّني في هذه ربما كنت واهماً... بالفعل أنا في هذه كنت خياليّاً ومتجاهلاً.
الآن وبعد كل الذي حدث.. أعود إلى نفسي أحدّثها من جديد متسائلاً بكل عبوس وبكل إحباط وبكل حسرة: هل يمكننا الحفاظ على ليبيا كما إستلمناها من الطاغية القذّافي، وليكن ذلك أقصى ما يتسنّى لنا الحلم بمثله؟.
ألا لعنة الله على كل من كان السبب في هذا العناء، وهذا الألم... كل هذا الشقاء الذي فرض على أهلنا فحوّل أحلامهم إلى كوابيس، وآمالهم إلى يأس، وإبتساماتهم إلى عبوس وإكتئابات. اللهم يا رب إنّني أسألك اللطف بنا، والعفو عنّا، ورفع هذا البلاء عن كواهلنا؛ فأنت وحدك من يقدر على إنتشالنا من هذا العناء وإبعاد شياطين الإنس عنّا، فهم على علمك بطروا وتكبّروا وتعالوا وطغوا. اللهم يا رب أرنا فيهم يوماً شبيهاً بيوم الحساب عندك حتّى نتخلّص من سوءهم ومكرهم وخبثهم وكذبهم ودجلهم وعبثهم.... يا رب العالمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
الرجاء وضع تعليقك