عندما نخلص في مقاصدنا ونحتكم إلى عقولنا فإنّنا سوف نفلح في حل مشاكلنا بدون أن نلتجئ إلى غيرنا ليساعدنا أو يقوم بالمهمّة نيابة عنّا. نحن نتملك عقولاً بوسعنا إستخدامها، ولو أنّنا تحرّرنا من عقدنا الإجتماعيّة ونزعاتنا الشخصيّة فإنّنا نستطيع أن نبدع كما يبدع غيرنا.... وقد نتفوّق عليهم.
أنا لست خبيراً إقتصاديّاً ولا أفهم في المال والبزنس على الإطلاق، لكنّني لا أسكت على العوج عندما أراه ولا أحتمل أن أرى الخراب وهو يتعاظم في كل يوم ولا أحد يعمل جديّاً على إيقافه أو على الأقل الحد منه.
لكي نعرف ماذا على الحكومة عمله لتوفير السيولة... أنا هنا أتحدّث عن الحكومة وأعني بها حكومة التوافق، فهي وحدها من بوسعها أن تعمل وأن تغيّر وأن تجد لها أصداء في آماكن صنع القرار في العالم المحيط بنا والذي يسيّر أمورنا بالنيابة عنّا بعدما فشلنا نحن عن القيام بذلك. لكي نعرف ماذا على الحكومه عمله لتوفير السيولة في المصارف ومناولتها لمن يطلبها وفق الأسس القانونيّة المعمول بها.. ولكي تقدر الحكومة على توفيرالسيولة المطلوبة للبشر في ليبيا، عليها أن تعرف أسباب شحّ السيولة من المصارف.
الأوراق النقديّة كلّها وبكامل عددها مازالت موجودة في ليبيا ولم تخرج منها بسبب أن العملة الليبيّة لا تجد من يقبل عليها أو يشتريها خارج ليبيا؛ فالعملة الليبيّة لا قيمة لها خارج الحدود وذلك يشمل تجّار العملة والمضاربين وحتّى عصابات التهريب الدوليّة التي نعرفها ونسمع عنها.
يوجد في ليبيا ما مقداره 16 مليار دينار ليبي من العملة الورقيّة منها حوال 95% هي الآن خارج المصارف(متداولة أو مخزّنة)، والسبب هو عدم ثقة الناس في الأوضاع الحاليّة وغياب الأمن، وكذلك غياب الحوافز التي ترغّب الناس في ترك أموالهم بالمصارف. لو أن 50% فقط من الأموال الليبيّة أعيدت للمصارف لما عانت ليبيا من سيولة نقديّة على الإطلاق، ولما وجدت السوق السوداء ولما تواجد في ليبيا نظامين للصيرفة أحدهما حكومي ليس له وجود على أرض الواقع، والآخر تضاربي(سوق سوداء) وهو المتداول على كل الأرض الليبيّة.
كيف يمكن للحكومة أن توفّر السيولة للناس؟
الإجابة على هذا السؤال لا تحتاج إلى خبير إقتصادي ولا إلى الكثير من التفكير. إنّها ثلاثة نقاط لا رابع لها وسوف تجدون العملة الورقيّة تعود بالكامل إلى المصارف في أقل من شهر:
- توفير الأمن المطلق(100%) في جميع مصارف ليبيا وإعلان عقوبة الإعدام وتنفيذها علنيّاً على كل من يحاول سرقة المصارف وفي أي مكان في ليبيا.... المجاهرة بالأمن المطلق للمصارف ولو إستدعى ذلك إستجلاب عناصر أمنيّة مسلّحة من الخارج.
- ضمان الحكومة لكل الليبيّين والليبيّات بأنّها مسئولة بالكامل على كل أموالهم المودعة في المصارف وتوثيق ذلك في الأمم المتحدة بحيث يحق لكل مواطن - لا يحصل على أمواله في الوقت الذي يريده وبالكميّة التي يرغب في سحبها - الإشتكاء إلى مكتب الأمم المتحدة في ليبيا والذي يقوم بدوره بإجبار الحكومة الليبيّة على دفع إيداعات أي مواطن حينما يطلبها مع غرامة ماليّة تدفعها الحكومة لكل مواطن عن كل يوم تتأخّر عنه مستحقّاته تكون بمثابة 25% من القيمة المطلوب سحبها.
- إلغاء ما يسمّى بالصيرفة الإسلاميّة نهائيّاً لأنّها دمّرت الإقتصاد الليبي وذلك بقتل العامل التنافسي، مع فتح باب الفائدة السنويّة على كل الأموال المودعة في المصارف من قبل المواطنين والرفع من قيمتها إلى 15% لو تطلّب الأمر.
ويتوجّب التنبيه هنا إلى أن فائدة المصارف هي ليست ربويّة على الإطلاق، وإنّما هي تجارة تنافسيّة معلومة ومدروكة وموثّقة وبشهود. إنّها تجارة خرفان ولكن بطريقة عصريّة. إن أكبر ما أضر المصارف الإسلاميّة هو بدعة "الصيرفة الإسلاميّة"، وأقول بدعة، فلم تكن هناك عملة ولم يكن هناك مصارف في عهد الرسول عليه السلام. الصيرفة الإسلاميّة هي بدعة ماليزيّة ضحكوا بها على الوهابيين في السعوديّة فقبلوا بها وحوّلوها إلى ظاهرة إسلاميّة... بل أصبت فرضاً من فرائض الله. لا يمكن... لايمكن لأي مصرف أن ينجح ويوفّق في تعاملاته المصرفيّة بدون فائدة. ليس هناك من البشر من سوف يترك ماله بالمصرف إذا لم يحصل على مردودات. لا يمكن لأي مصرف أن ينجح إن لم يتحصّل على مدخّرات كبيرة من الناس. لو أعطت المصارف للمودعين فائدة سنوية بمقدار 10% من أموالهم فسوف تمتلئ المصارف بالإيداعات النقديّة وسوف تنتهي أزمة السيولة.
لو أن الحكومة نفذّت كل تلك البنود الثلاثة فسوف نرى الأموال الليبية تعود إلى المصارف، وسوف نجد الناس وهم يتقاطرون على المصارف لإيداع أموالهم بدل وقوفهم في طوابير طويلة وبائسة للحصول على بعض السيولة كما نراه الآن.
يا أيّها السادة، إن كل من يبحث عن حلّ سوف يجده إن هو فكّر وعمل بكل جد وإخلاص.. وإن هو إستمع إلى نصائح الغير ولو كان ذلك الغير مجرّد مواطن عادي مثلي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
الرجاء وضع تعليقك