الحياة تبنى على واقع وليس على أمنيّات. علينا بأن نكون واقعيين وأن نكون عمليين وأن نكون عقلانيين. علينا أن نفكّر وأن نحسب وأن نبحث عن أية وسيلة تخرجنا من هذا الوضع المتأزّم الذي نعيش فيه في ليبيا.
أمنياتنا كانت كبيرة وأحلامنا كانت غفيرة وتفاؤلاتنا كانت غزيرة، لكنّننا الآن وجدنا أنفسنا بعيدين كل البعد عن تحقيق أمالنا وعاجزين عن برمجة أفعالنا لأنّنا وللأسف فقدنا بوصلة العبور فتهنا وضعنا ولم نجد من يرشدنا أو يرسم لنا معالم تتفق مع توجهّاتنا. لقد تهنا في وسط محيط هادر وتحطّم قاربنا ولم نعد نرى في الأفق أملاً في النجاة.... نحن الآن ضائعين وعلينا أن نعترف بها.
فلنعد إلى الواقع، ولننظر حولنا، ولنحاول بأن نكون براغماتيين. الراغماتيّة ليست عيباً ولا هي بدعة... ولا هي حراماً. البراغاتيّة هي أن تحسب حساباتك وتحاول بأن تكون من الرابحين.
فلنفتح عيوننا وننظر حولنا ونحاول أن نرى الحقائق على الأرض الليبيّة كما هي... وأن نتعامل معها بكل عقلانيّة وواقعيّة وبراغماتيّة:
- حكومة الوفاق والمجلس الرئاسي هما السلطتان الفعليّتان في ليبيا، وهما وحدهما من يحظى بإعتراف دولي بما في ذلك إخوتنا العرب وجيراننا الآفارقة.
- مجلس النوّاب: أصبح سلطة فاشلة وغير فاعلة ولم يعد له وجوداً فعليّاً على أرضيّة الواقع. مجلس النوّاب يفشل دائماً في إصدار أية تشريعات، وإن نجح في أصدار بعضها فهو يجد نفسه عاجزاً بالكامل عن تنفيذها لأنّه لا يمتلك إرادة ويفتقر إلى أليّات عمليّة لتنفيذها.
- المجلس الأعلى للدولة: هو في الواقع ليس أكثر من مجلس شيوخ أو مجلس لوردات، ومهمّته هي إستشاريّة بحتة ولا يحق له إصدار أية قرارات.
- الجيش الوطني الليبي: هو قوّة موجودة على الأرض، ويمتلك القدرة لفرض أشياء على الأرض إن هو رغب في ذلك. أنا هنا أتحدّث عن الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر.
- المليشيات العسكرية المسلّحة في غرب البلاد: هي أمر واقع، وهي تمتلك القوّة وبوسعها إستخدامها متى شاءت وإينما أرادت بدون وجود أية سلطة تستطيع أن تمنعها من ذلك.
- الجماعات الدينيّة المؤدلجة: هي موجودة ولها تأثير عملي على الواقع وبوسعها أن تحرّك مليشيات لتنفيذ مأربها.
تلك هي القوى الفاعلة في ليبيا، وذلك هو الواقع الحقيقي في بلادنا وعلينا بألّا نغمض أعيننا عنه أو نستمر في تجاهله.
كيف يمكننا الإستفادة من هذه المعطيّات ؟
بالعقل والحنكة والواقعيّة يمكننا تحويل أوضاعنا المزرية إلى واقع أفضل، ومن هناك نتمكّن من الخروج من الدوّامة التي وضعنا أنفسنا بداخلها. كيف يمكننا الإستفادة من وضعنا الحالي:
- القبول بالمجلس الرئاسي وحكومة الوفاق كأمر واقع، وتمكينهما من فرد جناحيهما على كل الأرض الليبيّة.
- إعتماد الجيش الليبي في شرق البلاد كجيش وطني على كل ليبيا، والدفع بكل المليشيات لتصبح جزءاً منه على أن يسمح لقادتها بحمل رتب عسكريّة وتكليف أصحاب الرتب بمهام قياديّة في داخل الجيش أسوة ببقيّة ضبّاط الجيش... كل حسب قدراته ومهنيّته.
- قبول مجلس النوّاب بالمجلس الأعلى للدولة كمجلس شيوخ وتوكل له مهام مجلس الشيوخ في أي بلد في العالم.
- إلغاء الكومة المؤقّنة في شرق البلاد بعد السماح لحكومة التوافق بالتمدّد شرقاً وجنوباً بكل حريّة مع توفير الحماية لأعضائها.
- الطلب من التنظيمات الدينيّة المؤدلجة بأن تلتزم بدينها وأن تخرج من الساحة السياسيّة. إن هي رفضت، فيمكن التعامل معها وذلك بالتنسيق بين السلطات الليبيّة والسلطات الدوليّة. ذلك سوف لن يكون بالأمر الصعب لو عرفنا كيف نكبح جماحها.
إنّنا إن رضينا بهذا المشروع فسوف يقيناً نقدر على لملمة شظايا الدولة والإستفادة بما توفّر لدينا في الوقت الحاضر، وبذلك فقط يمكننا إجراء إنتخابات رئاسيّة وبرلمانية على كل التراب الليبي.... ومن هناك، يمكننا الإنتقال من المراحل الإنتقاليّة إلى المرحلة النهائيّة ومن ثمّ نخرج من هذه الدوّامة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
الرجاء وضع تعليقك