2017/09/30

شيوخ الدجل يغوصون في الوحل

"لا يوجد في الدين ما يمنع المرأة من قيادة السيّارة... لكنّه كان إجتهاد العلماء" !!. لا يوجد في الدين ما يحرّم الموسيقى، ولا الرقص، ولا الفنون... فهل يفيق "العلماء" من سباتهم ويعترفوا بذلك أيضاً؟!.
 
قال الدكتور الشيخ عبد الله بن محمّد آل الشيخ رئيس مجلس الشورى السعودي ومستشار هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هذا المساء في مقابلة له مع إحدى القنوات التلفزيونيّة بأنّه لا يوجد في الدين ما يمنع المرأة من قيادة السيّارة وإنّما كان ذلك "إجتهاداً" من السادة "العلماء" (يقصد شيوخ الدين !!)، وأنّ القرار التاريخي للملك "الصالح" سلمان بن عبد العزيز كان إستجابة للمرحلة وعلينا ك"علماء" الإستجابة لقرار "وليّ الأمر" فهو بحكمته ونظرته الثاقبة للحياة وجّه بالسماح للمرأة السعودية بقيادة السيّارة، وهذا القرار سوف ينصف نصف المجتمع في بلادنا !!.
وهكذا وبعد 1385 سنة من وفاة الرسول عليه السلام وإنتهاء رسالات السماء إلى الأرض، وبعد إكمال الدين للبشر تستفيق السعودية من سباتها العميق الذي إستمر لأكثر من 270 سنة منذ تأسيسها على شراكة بين آل سعود وآل الوهابيّة لتسمح للمرأة بقيادة السيّارة بل وتعتبر ذلك قراراً تاريخيّاً وإستراتيجيّاً.
هذا القرار الذي ستكون له إنعاكاسات إيجابية على مستوى الأمن الاجتماعي للعوائل في المملكة، إضافة إلى أثره الاقتصادي على الأسر التي تنفق المليارات من الريالات كرواتب سنوية للسائقين الأجانب الذين تستخدمهم النساء في المملكة.
ويقدر عدد السائقين في السعودية بنحو 1,376,096 سائقاً، وفق نشرة إحصائية لسوق العمل في المملكة خلال الربع الأول من 2017. ويبلغ عدد العمالة المنزلية الأجنبية من الذكور في البيوت السعوديّة وفقاً لتقرير صادر عن هيئة الإحصاءات العامة بنهاية شهر مارس من العام 2017 بـما مجموعه 1,579,285عاملاً منزليّاً، يمثل السائقون منهم ما نسبته حوالي 90%. وبحسب تقديرات المختصين تجاوزت تكلفة السائقين في السعودية 14 مليار ريال خلال العام الماضي.
الآن فقط تذكّرت السعوديّة مصاريفها على السائقين من "الرجال" لنسائهم، ويقول الشيح عبد الله بن محمّد أل الشيخ في مقابلته التلفزيونيّة هذا المساء بأن السائقين من الرجال للنساء السعوديّات قام الكثير منهم بممارسات لا أخلاقيّة مع الكثير من النساء الذين كانوا يستخدموهنّ، ومن ثمّ فعندما يسمح للمرأة بأن تقود سيارتها بنفسها فإن ذلك يعتبر "أكثر آماناً" لها !!.
وتقول بعض وسائل الإعلام السعوديّة بانّ قيادة المرأة للسيارة توفّر على السعوديين نفقات كانت تستنزف دخل الأسرة ومنها: التأشيرة التي تقدر بـ2.8 مليار ريال، واستخراج إقامة السائق لأول مرة وتقدر بحوالي 840 مليون ريال، والتكفّل بالسكن شامل الفواتير والعلاج والغذاء التي تزيد عن 2 مليار ريال في الإجمالي العام، إضافة إلى تكاليف التذاكر التي تصل إلى ما يزيد عن 2.5 مليار ريال، وتكلفة الاستقدام التي تبلغ بالمتوسط حوالي 11 مليار ريال، والأرقام قابلة للزيادة عند اعتراض العائلة بعض المشاكل الطارئة، مثل هروب السائق أو عدم قدرته على القيادة أو استغلال المركبة لأعمال خاصة به وغير نظامية.
سبحان الله... فبين ليلة وضحاها عرفنا الآن بأن السعوديّة كانت تضيّع المليارات من أموالها بسبب قانون منع المرأة من قيادة السيّارة !!.
يستند شيوخ الوهابيّة في السعوديّة الذين أفتوا بتحريم قيادة المرأة للسيّارة على أنّه في عهد الرسول عليه السلام لم تكن هناك نساء تقدن السيّارت، وبذلك تعتبر قيادة النساء للسيّارة بدعة مستحدثة والبدعة حرام، ومن ثمّ تم تحريم قيادة المرأة للسيّارة... أأأأأه.

التعليق على الخبر
مازالت أصداء تمكين المرأة من حقّها في قيادة السيّارة تشغل الكثير من الأروقة الثقافية والإجتماعيّة في السعويّة، حيث شعرت المرأة ولأوّل مرّة في تاريخ تلك المملكة التعيسة بأنّها يمكنها الآن قيادة سيّارتها والقيام بمهامها كإنسانة وكأم وكأخت وكزوجة وكعاملة بعد أن حرموها من ذلك الحق بحجج واهية وفتاوي تافهة أستخدم فيها الدين كمظلّة وغطاء تتخفّى تحتها عقليات شيوخ الدين المتخلّفة والغائرة في الزمن السحيق إلى تلك الدرجة التي لم تتمكّن معها من التحرّر والإنعتاق لمواكبة الزمن أو حتى ملامسته.
هذا القرار من ملك السعوديّة بتمكين المرأة من ممارسة حقّها في قيادة سيّارتها أزاح الغطاء عن الدجل والكذب الذي كان ومازال يمارسه رجال الدين فكشف بذلك عن عورة تجّار الدين والكذّابين بإسم الله والمنافين الذين وللأسف مازالوا يسيطرون على شئون الناس في تلك المملكة التي رغم خيراتها الكثيرة إلّا أنّها بقيت متخلّفة في كل شئ عدا التبضّع والتسوّق والإستهلاك وبعض من المباني التي بناها لهم غيرهم وتم إستيراد كل مستلزماتها من غيرهم.... فلماذا بقيت السعوديّة بلداً متخلفاً رغم ما حباها الله به من خيرات طبيعيّة؟.
إن أهم أسباب تخلّف السعودية وكل بلدان الخليج العربيّة يكمن في غياب "الحريّة"... نعم، غياب الحريّة. الحريّة لا يمكنها أن تعني إستقلال ظاهري وإحتفالات وكارنيفالات سنوية باليوم الوطني. الحريّة تعني حريّة الإنسان في أن يفكّر ويناقش ويساهم ويختار ويقرّر. لا يمكن نعت أي بلد في العالم بأنّه متحرّر إن كان المواطن فيه يعاني من القهر وسيطرة المتنفّذين على حريّته في إختيار ما يناسبة وما يتوافق مع قدراته ويحقّق له أحلامه ورغباته.
يقول شيوخ الدين.. نحن كنّا فعلنا ذلك(منع المرأة من قيادة السيّارة) رحمة بها وحماية لها ومنعاً "لإنتشار الرذيلة"، وما فعلنا ذلك إلّا لحمايتها من "العابثين".
ويقولون بكل بذاءة وصفاقة وتملّق ونفاق: حينما شعرنا الآن بأنّ المرأة في بلادنا أصبحت آمنة على نفسها بفضل سعي ولاة أمورنا لتوفير الأمن والسلام في بلادنا قلنا بأنّ قرار "ولي الأمر" كان صائباً ويتماشى مع "متطلّبات المملكة" في أن يشارك كل أهلها (رجالاً ونساء) في خدمتها ، فالمرأة (حسب إكتشافهم أخيراً !) هي نصف المجتمع ولا يمكن إغفال ذلك النصف الذي بوسعه أن يساهم في إقتصاد ورقي المملكة !!. وماذا ياشيوخ التعاسة عن "ولاة" أموركم السابقين... هل كانوا مقصّرين في توفير الأمن للمراة كي تقود سيّارتها وتساهم في إقتصاد بلدها؟.
ويقول شيوخ التخلّف كذلك: لقد أصبح العالم اليوم أكثر آماناً بما يتيح للمرأة في بلادنا بأن تخرج وتقود سيّارتها لقضاء حوائجها أو الذهاب إلى عملها !!. وأقول لهم: عن أي عالم أنتم تتحدّثون؟. إن كنتم تقصدون العالم المحيط بنا من غير المسلمين فهم كانوا قد قاموا منذ عقود كثيرة من الزمان بتنمية أنفسهم وتوفير الأمن في بلدانهم؛ أمّا إذا كنتم تتحدّثون عن عالمنا الإسلامي، فإنّ هذا العالم وللأسف لم ينعم بالأمن ولا بالسلام منذ عام 2011، ومازال إلى هذه اللحظة يعاني من فوضى وقتل وتشريد وسرقة وإغتصاب لم يشهد مثلها منذ ربّما تلك السنوات التعيسة التي شهدت "الفتنة الكبرى" وما صاحبها من ممارسات بربرية بكل المعايير في حق الإنسان ولم تكن المرأة إستثناءً حينها.
إن ما يحدث في عالمنا العربي والإسلامي الآن ومنذ ما يقرب من عقد من الزمان كان كلّه بسبب تسلّطكم أنتم يا "طغاة الدين" وتسيّدكم على آماكن صنع القرار في بلداننا بإسم "الصحوة الإسلاميّة" التي بشرتمونا بها حتى كرّهتمونا في كل شئ ينسب إلى الإسلام بسبب فتاويكم "الفتيّة" وأفكاركم الغبيّة. 
إن كل ما يحدث في عالمنا الإسلامي الآن هو نتيجة مباشرة لتسيّد أصحاب اللحي الشاعثة والسراويل المشمّرة وتلك اللطع الحمراء القبيحة على جباه المتشدّدين والطغاة منكم. إن كل ما يصيبنا الآن من قرح فأنتم هم المسئولين عنه، وحان لكم أن تتوقّفوا عن فتاويكم الغبيّة وأن تسعوا إلى تثقيف أنفسكم وتعلّم مبدأ التعايش من الآخرين الذين سبقوكم في كل شئ بما في ذلك القيم والمعايير والأخلاق الإنسانيّة التي وللأسف تفتقدونها لكنّكم لغبائكم تتجاهلون ذلك.
لقد حان لبلداننا الإسلاميّة أن تمنع "الإفتاء" من قبل رجال الدين وأن تقوم بتأسيس هيئات إستشاريّة تطرح الأراء والأفكار على صانعي القرار في بلداننا بهدف الإهتداء بها وليس بهدف فرضها على الناس بإسم الدين.
الدعوة لإنشاء مجلس للإفتاء
تجدون في هذا الرابط مقترحاً لشكل وتركيبة تلك الهيئات الإستشاريّة التي تفتئ في شئون حيايتة بشكل عصري ومتمدّن وتطرح تلك "الفتاوي" على المتنفّذين في الدولة الذين يهتدون بها لتسيير شئون الناس وتقديم الخدمات لهم بحيث أن تلك "الإستشارات" تحل محل فتاوي رجال الدين حتى تتمكّن بلداننا من اللحاق بمن سبقونا، وحتى نستطيع نحن توفير الكرامة لأنفسنا وفتح أبواب الأمل لأجيالنا التي سوف تأتي من بعدنا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الرجاء وضع تعليقك