رسالة مفتوحة للمشير خليفة بالقاسم حفتر . . . القائد العام للجيش الليبي
السيّد المحترم المشير خليفة حفتر - بعد التحيّة والسلام:
لقد سبق لي كتابة رسالتين مفتوحتين إليك من قبل وهذه هي رسالتي المفتوحة الثالثة وقد تكون الأخيرة...
أنا ولدت على حب ليبيا وكبرت على حب ليبيا، وحب ليبيا مازال يعتبر أكبر حبّاً في حياتي. أنا قد أجامل في كل شئ وفي أي شئ إلّا مبادئي... وحب ليبيا بالنسبة لي هو مبدأ سوف لن أحيد عنه إلى آخر رمق في حياتي.
أود في البدء سيادة المشير أن أؤكّد على أنّني كنت حزنت بشكل كبير ومؤثّر بعيد إغتيال اللواء عبد الفتّاح يونس في يوم 28 يوليو 2011 وشعرت حينها بأن ثورة 17 فبراير التحرّريّة كانت بالفعل قد أغتصبت من أهلها وكان هناك من يتربّص بليبيا ويبحث عن إنتهاز الفرص. وبالفعل كانت ثورة فبراير التحرّريّة قد نهبت من بين أيدي مفجّريها من الشبّان والشابّات الذين كانوا يبحثون عن الحريّة... يبحثون عن ليبيا الجديدة التي تعني كل المستقبل - المستقبل المشرق - الذي كانوا يحلمون به أسوة بغيرهم من شباب العالم.
وبالفعل كانت مخاوفي في محلّها، وبالفعل إستحوذ على ثورة التحرّر "الوطنيّة" طغاة من نوع جديد... طغاة هم أشد طغياناً وأشد بطراً من الطاغية الذي ثار الشعب الليبي عليه في فبراير 2011. طغاة هذه المرّة يتستّرون بمظلّة الدين، وكانوا أن خرجوا من جحورهم في أفغانستان وفي العراق وفي الصومال وحتى بريطانيا حينما سمعوا بثورات الربيع العربي... خرجوا على عجالة من أمرهم ليبشّروا الشعب العربي ب"الصحوة الإسلاميّة" وإعادة دولة الخلافة مستغلّين الفراغ المؤسّسي في بلاد العرب، ومستغلّين كذلك سطحيّة المعرفة وضحالة الثقافة في عالمنا العربي مع إنعدام الخبرة السياسيّة والتفكير السليم.
وبرغم الشعور بالإحباط وتسرّب رؤوس اليأس إلينا - من كان ينتظر فجر ليبيا الحقيقي بعد أربعة عقود من الطغيان وحكم الفرد - برغم كل ذلك خرجنا لننتخب أوّل برلمان حقيقي يعبّر عن إرادة الشعب الليبي في 7 يوليو 2012 ، وبالفعل فرحنا بالنتائج حينما كنّا نصدّق النوايا ونثق في كل من إختاره الشعب إلى أن أصبنا بخيبة أمل أخرى لتضاف إلى خيبات الأمل التي سبقتها، وكان أن إستولى طغاة الدين الجدد على بنغازي وأخذوا يتسارعون من حينها إلى تدمير جيشها والقضاء على كل أسس الدولة المدنيّة توطئة لتأسيس دولتهم الدينيّة (دولة الخلافة) التي لا تعترف بشئ إسمه الديموقراطيّة ولا تعترف بأسس الدولة العصريّة.
لقد سبق لي كتابة رسالتين مفتوحتين إليك من قبل وهذه هي رسالتي المفتوحة الثالثة وقد تكون الأخيرة...
أنا ولدت على حب ليبيا وكبرت على حب ليبيا، وحب ليبيا مازال يعتبر أكبر حبّاً في حياتي. أنا قد أجامل في كل شئ وفي أي شئ إلّا مبادئي... وحب ليبيا بالنسبة لي هو مبدأ سوف لن أحيد عنه إلى آخر رمق في حياتي.
أود في البدء سيادة المشير أن أؤكّد على أنّني كنت حزنت بشكل كبير ومؤثّر بعيد إغتيال اللواء عبد الفتّاح يونس في يوم 28 يوليو 2011 وشعرت حينها بأن ثورة 17 فبراير التحرّريّة كانت بالفعل قد أغتصبت من أهلها وكان هناك من يتربّص بليبيا ويبحث عن إنتهاز الفرص. وبالفعل كانت ثورة فبراير التحرّريّة قد نهبت من بين أيدي مفجّريها من الشبّان والشابّات الذين كانوا يبحثون عن الحريّة... يبحثون عن ليبيا الجديدة التي تعني كل المستقبل - المستقبل المشرق - الذي كانوا يحلمون به أسوة بغيرهم من شباب العالم.
وبالفعل كانت مخاوفي في محلّها، وبالفعل إستحوذ على ثورة التحرّر "الوطنيّة" طغاة من نوع جديد... طغاة هم أشد طغياناً وأشد بطراً من الطاغية الذي ثار الشعب الليبي عليه في فبراير 2011. طغاة هذه المرّة يتستّرون بمظلّة الدين، وكانوا أن خرجوا من جحورهم في أفغانستان وفي العراق وفي الصومال وحتى بريطانيا حينما سمعوا بثورات الربيع العربي... خرجوا على عجالة من أمرهم ليبشّروا الشعب العربي ب"الصحوة الإسلاميّة" وإعادة دولة الخلافة مستغلّين الفراغ المؤسّسي في بلاد العرب، ومستغلّين كذلك سطحيّة المعرفة وضحالة الثقافة في عالمنا العربي مع إنعدام الخبرة السياسيّة والتفكير السليم.
وبرغم الشعور بالإحباط وتسرّب رؤوس اليأس إلينا - من كان ينتظر فجر ليبيا الحقيقي بعد أربعة عقود من الطغيان وحكم الفرد - برغم كل ذلك خرجنا لننتخب أوّل برلمان حقيقي يعبّر عن إرادة الشعب الليبي في 7 يوليو 2012 ، وبالفعل فرحنا بالنتائج حينما كنّا نصدّق النوايا ونثق في كل من إختاره الشعب إلى أن أصبنا بخيبة أمل أخرى لتضاف إلى خيبات الأمل التي سبقتها، وكان أن إستولى طغاة الدين الجدد على بنغازي وأخذوا يتسارعون من حينها إلى تدمير جيشها والقضاء على كل أسس الدولة المدنيّة توطئة لتأسيس دولتهم الدينيّة (دولة الخلافة) التي لا تعترف بشئ إسمه الديموقراطيّة ولا تعترف بأسس الدولة العصريّة.
بدأت الإغتيالات - على علمك سيّد المشير - في بنغازي والكثير من مناطق ليبيا، وحينها أيضاً بدأنا نرى فجر ليبيا الحقيقي الذي كنّا نحلم به وهو تغيب شمسه حتى قبل بزوغها، وقلنا وقتها بأن الثورة إنتهت وبأنّنا قد نندم على فقدان من ثرنا ضدّّه وقتلناه برغم مشروعيّة ما قمنا به وحاجتنا للقيام بما قمنا به. وفي خضم تلك الرياح الهوجاء التي كانت تتقاذف بلادنا من هنا إلى هناك، وفي وسط بدأ يخلو تدريجيّاً من أولئك الوطنيون الذين كنا نرى على أيديهم خلاص بلادنا.... في ذلك الخضمّ ولتعميق مآسينا، فوجئنا بأن الكثير من "وطنيّينا" كانوا عبارة عن "صناعة تلفزيونيّة" ولم يكن أغلبهم في حقيقتهم يحملون من الوطنيّة غير ملابس خارجية ما لبثوا أن خلعوها بمجرّد حصولهم على ما كانوا يسعون لنيله. إنزوى الوطنيّون من شوارعنا ومن مياديننا وغربوا عن المشهد مختفين في مكاتب وسفارات ليبيا في الخارج وكانوا فرحين بما أتاهم الله ولتذهب ليبيا إلى حيث تجرفها السيول الهادرة.
في تلك الأثناء البائسة وفي تلك الظروف المتشائمة خرجت علينا سيّد خليفة حفتر كفارس الأحلام الذي ظهر من بين الركام ليفتك الأميرة من بين مخالب الوحش... أو الوحووووششش. خرجت علينا سيّد خليفة حفتر لتثأر للجيش الليبي... لتثأر للكرامة الليبيّة... لتفتك ثورة 17 فبراير من مخالب الطغاة الجدد وتعيدها إلى أيدي شبابها وشاباتها الذين بكل صفاء وبكل نقاء قاموا بها ولم يكن في عقولهم حينها غير ليبيا مدنيّة وعصريّة وحرّة تسمع فيها كلمتهم وتتحقق فيها أحلامهم.
فرحنا بك فرحاً لا يمكن وصفه بالكلمات، وشعرنا - نحن الوطنيّون الحقيقيّون - بأنّ الشمس قد تشرق من جديد في سماء ليبيا بعد طول إنتظار، وكانت "عمليّة الكرامة"، وكان أن أعيد إحياء "الجيش الليبي" من جديد بعد أن كاد ينمحي من على الأرض الليبيّة. عاد إلينا الأمل وعادت إلينا الطمأنينة، وشعرنا حينها بأن ليبيا سوف لن تموت خاصّة وأن عمليّة الكرامة كانت هي الرد السريع على عمليّة "غجر ليبيا" والتي أطلقوا عليها إسم "القسورة" لأنّها من أدبيّاتهم ولأنّها من بنات أفكارهم.
ولدت "عمليّة الكرامة" بالفعل من الحطام... حطام طائرات مطار طرابلس العالمي الذي أحرقه طغاة ليبيا الجدد. ولدت عمليّة الكرامة من ركام أبنية ومعالم مدينة بنغازي وخرجت عليهم كالقمقم الذي أخافهم فأغاضهم وأربك كل مخطّطاتهم وحطّم كل أحلامهم. إرتعبوا من عمليّة الكرامة رغم أنّها كانت قد إبتدأت بأعداد لا تتجاوز أصابع اليد من العسكريين الشرفاء من أمثالكم، لكنّهم كانوا يرتعبون من شئ إسمه الجيش، ويخافون من شئ إسمه القانون والنظام والضبط والربط. عمليّة الكرامة كانت بداية النهاية لكل أحلامهم والختام لكل أوهامهم في إعادة دولة خلافتهم المزعومة.
لقد إنتصرت "الكرامة" بقيادتكم الحكيمة في بنغازي وما جاورها، وسوف تنتصر قريباً جداً في درنة ومن بعدها فسوف تفتح الخيارات وسوف أيضاً من - الطرف المضاد - تفتح الجبهات وتكثر المؤامرات وترتفع شدّة وكثرة التحدّيات؛ وهناك يا سيادة المشير سوف يكون المحك وهناك سوف يكون طريق العبور نحو تحرير كل ليبيا من هؤلاء الطغاة الذين سوف لن يكون لهم من هم سواء حكمنا والتحكّم في مصائرنا من خلال فرض أجنداتهم وطرق تفكيرهم علينا.... وسوف يفرضون كل شئ بالقوة وبالطغيان وبالحديد والنار وأنا أعرفهم وكيف يفكّرون.
من هنا سيادة المشير، أود أن أكون واضحاً وصريحاً معك وناصحاً لك عارفاً من حيث الأساس بأنّني لا أبحث عن أي مغانم ولا أطمح إلى أية مزايا أو مكارم، فأنا قنوع بما عندي وراضياً بالذي في يدي ولا همّ لي غير ليبيا وأهلها الذين نريد كلّنا - أبناء وبنات ليبيا الأوفياء بصدق - خدمتها وبذل كل ما نستطيع من أجلها.... لأنّها بلدنا ولأنها بيتنا ولأنها موطننا.
المستشار عقيلة صالح وهو يرقّي اللواء حفتر إلى رتبة مشير. المعروف أن السيّد
خليفة حفتر كان برتبة عقيد في تشاد ثم إعتزل الجيش ثم عاد إلى ليبيا في عام 2011
رقّي حينها إلى لواء ومن لواء إلى مشير.. من الصعب فهمها، ولكن لا غرابة في ليبيا.
أودّ سيادة المشير بأن أكون صادقاً وصريحاً معك، فالذي لاحظته - وبعد كل تلك الإنتصارات الساحقة على قوى البغي والطغيان في مدينة بنغازي وما جاورها - هو أن كثر المنافقون حولك وتزايدت إحاطتهم بك، وبدأت الأمكنة حولك تعجّ بالمداهنين والخانعين والطامعين والمستفيدين الذي يجيدون "الزمزكة" ويمتهنون "التنبلة" فتلك الصفات تجري في عروقهم وكانوا قد إكتسبوها في جيناتهم التي ورثوها من أولئك الذين سبقوهم.
فقد شاهدنا بكل وضوح زمزكة الكثير من الليبيّين لموسيليني (مرحبتين بكازي روما...)، ثم للإدارة الإنجليزية من بعد ذلك، ثم للمك إدريس السنوسي، ثم للعقيد معمّر القذّافي؛ وبدأنا نراهم اليوم وهم يباشرون نفس الخصال معكم وقطعاً سوف تجدهم في كل مكان حولك ويحيطون بك وهم مستعدّون لأن يكونوا أحصنة لتركبهم أو سجاد لتمشي عليه وسوف يسألونك أن تمشي ببطء حتى يستمتعوا بلذّة وقع خطاك على ظهورهم.
أريد منك سيادة المشير أن تنتبه إليهم وأن تحذر منهم وأن تحسسهم بقيمتهم وبضحالة تفكيرهم والكيفية التي يحسبون بها مصالحهم. أريد منك سيادة المشير أن تكون لك مواقفك الوطنية التي عرفناك عليها وعرفناك بها، وأريد منك أن ترى ليبيا أمام عينيك وأن ترى هذا الشعب وكان قد تعذّب ... وتعذّب ... وتعذّب. أريدك أن ترى الوطن وترى الغد من خلال عيون وطنيّة بعيدة عن المصالح الذاتيّة أو "الفرص الذهبيّة".
فقد شاهدنا بكل وضوح زمزكة الكثير من الليبيّين لموسيليني (مرحبتين بكازي روما...)، ثم للإدارة الإنجليزية من بعد ذلك، ثم للمك إدريس السنوسي، ثم للعقيد معمّر القذّافي؛ وبدأنا نراهم اليوم وهم يباشرون نفس الخصال معكم وقطعاً سوف تجدهم في كل مكان حولك ويحيطون بك وهم مستعدّون لأن يكونوا أحصنة لتركبهم أو سجاد لتمشي عليه وسوف يسألونك أن تمشي ببطء حتى يستمتعوا بلذّة وقع خطاك على ظهورهم.
أريد منك سيادة المشير أن تنتبه إليهم وأن تحذر منهم وأن تحسسهم بقيمتهم وبضحالة تفكيرهم والكيفية التي يحسبون بها مصالحهم. أريد منك سيادة المشير أن تكون لك مواقفك الوطنية التي عرفناك عليها وعرفناك بها، وأريد منك أن ترى ليبيا أمام عينيك وأن ترى هذا الشعب وكان قد تعذّب ... وتعذّب ... وتعذّب. أريدك أن ترى الوطن وترى الغد من خلال عيون وطنيّة بعيدة عن المصالح الذاتيّة أو "الفرص الذهبيّة".
أخي العزيز سعادة المشير خليفة حفتر...
إنّك إن كنت تبحث عن البطولة فقد نلتها، وإن كنت تبحث عن مكان لك في تاريخ ليبيا فقد ضمنته، وإن كنت تحلم بأن تترك لأبنائك من بعدك إرثاً يفاخرون به وأباً يتحدثون عن بطولاته فقد وفّقت في ذلك؛ لكنّني أنبّهك الآن وقبل غد.... إن من سبق وأن طغوا قبلك كانوا قد مرّوا بنفس الظروف وأحيطوا بنفس الجوقات المنافقة التي طبّلت وهلّلت ومجّدت وعظّمت حتى تأثّر أولئك وصدّقوا ما كانوا يسمعون فتحوّلوا إلى طغاة... نعم، تحولوا إلى طغاة نسوا العالم من حولهم وظنّوا بأنّهم لا يتبوّلون ولا يتبرّزون ... ظنّوا بأنّهم فطاحل لا يفشلون ولا يهزمون فأصبحوا طغاة ومتجبّرون وغلاظ ومتكبّرون. هل تعرف سيادة المشير كيف كانت نهاية كل منهم؟. هناك الكثير من الأمثلة الحديثة حتى لا نغوص في أعماق التاريخ.... معمر القذّافي، صدّام حسين، سلوبودان ميلوسيفيتش، وغيرهم كثيرون. أين هم اليوم، وكيف إنتهوا من هذا العالم، وماذا حدث لأسرهم من بعدهم؟.
تلك هي الأمور التي وددت تذكيرك بها حتى لا تسلك مسالكهم، وحتى لا تؤذي أفراد أسرتك من بعدك أحياناً بدون أن تعلم وأنت في زحمة التغييرات وتحت وقع المؤثّرات. أنا أسألك سيادة المشير أن تستمر في مهامك البطولية حتى تتمكّن من فرض سيطرة الجيش على كل ليبيا، وما إن تطمئن على إستتباب الأمن في كل ربوع ليبيا فتعهد بالمهمّة لإنسان قادر من بعدك... أنا أنصحك سيادة المشير بعدها بأن تستقيل كبطل، وأن تخلع ملابسك العسكريّة، وأن تترك أحلام الزعامة لمن يبحث عنها من أصحاب الأفق الضيّقة والنفوس المريضة الذين يرون الدنيا بمناظير مغبّشة ويحسبونها بحسابات مغلوطة تعكس كم قصورهم ومقدار تدنّيهم. أريدك سيادة المشير أن تحتفظ بعد كل الذي حقّقت بالبطولة الأبدية كما فعل من قبلك الشيخ المجاهد عمر المختار، وكما فعل من بعده المرحوم الفريق سوار الذهب في السودان، وكما فعل المهاتما غاندي، وكما فعل المرحوم نيلسون مانديلّا. إنّهم زهدوا السلطة والبهارج الزائفة فنالوا بذلك المجد الذي سوف لن ينتهي إلّا بإنتهاء هذه الحياة الدنيا.
تلك كانت نصيحة أخوية وصادقة ومخلصة، ورجائي بأن تنتبه إليها وأن لا تهملها قبل أن يتسرّب الطغيان إلى تفكيرك وقبل أن يشعرك المنافقون بأنّك بطل الأبطال وملك الملوك... ولك فائق إحترامي وتقديري.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
الرجاء وضع تعليقك