الدساتير هي بمثابة خرائط طرق لكل بلاد العالم، ولا تستطيع أية دولة أن تتحسّس معالم طريقها بدون إشارات الدستور الضوئيّة وإنذاراته التحذيريّة وتوجيهاته الإجباريّة التي تهدف كلّها إلى تحقيق السير الآمن والسفر المريح نحو الوجهة السليمة.
وهكذا وبعد طول إنتظار خرجت علينا هيئة الدستور بديباجة دستوريّة متكاملة يمكننا إنصافاً وصفها بالوثيقة الدستوريّة، وقد يكون لنا من خلالها وعلى هداها معبراً بليبيا نحو الغد الأفضل.
علينا في البدء تقدير كل من ساهم في هذا العمل المضني وفي ظروف صعبة جدّاً كان ربّما أقل عناء فيها هو غياب الإستقرار وغياب الآمان وغياب الأمل في ليبيا خاصّة بعد إنقلاب يوليو 2014، حيث تم وأد الديموقراطيّة التي كانت ولازالت وليدة في بلد لم يعرف الديموقراطيّة منذ أن أصبح بلداً وسمّي "ليبيا".
علينا كليبيّين وليبيّات أن نرحّب بالوثيقة الدستوريّة، أن ندرسها بكل إمعان، وأن نكون إيجابيين حيالها وذلك بالنقد البنّاء الذي لا يهدف إلّا إلى الإرتفاع بهذه النسخة الدستورية إلى مستوى أفضل وأشمل وأكثر قبولاً من كل فئات الشعب الليبي بمختلف طرق تفكيرهم وإعتقاداتهم وثقافاتهم المتنوّعة.
علينا بأن نفتح أذرعنا لإحتضان نسخة الدستور هذه وأن نعمل جميعاً للمضي بها بكل أمن وسلام نحو مخارجها الطبيعيّة والتي تشمل النقاش والحوار والتعديل بهدف إستصدار نسخة ترتفع إلى مستوى الدساتير العالميّة حتى يتم عرضها على الشعب الليبي للتصويت عليها وإجازتها بأغلبيّة كبيرة وحاسمة لتصبح من بعدها بمثابة الطريق الذي سوف نسلكه جميعاً ملتزمين بكل إشاراته ومعالمه وتوجيهاته من أجل الوصول الآمن إلى غايتنا المنشودة وهي الدولة العصريّة المتحضّرة والمتمدّنة لتصبح ليبيا جزءاً فعّالاً من هذا العالم الذي نعيش فيه ونتكامل معه بكل إيجابيّة وبكل قبول.
لقد قمت الليلة الماضية بقراءة كل مواد النسخة المقترحة، وخلال قراءتي المتأنّية لها وجدت فيها بعض المواد التي توقّفت عندها وفكّرت في تعديلات لها من وحي حبّي لليبيا وإيماني اليقيني بأن ليبيا هي بلدنا وهي بيتنا وهي مأوانا الذي لا بديل لنا عنه أينما حللنا وكيفما عشنا.
الملاحظات والتعديلات المقترحة
المادّة (13)
تضاف عبارة: وتكون المعاهدات الدوليّة مع ليبيا ملزمة للدولة الليبية حتى وإن تغيّر نظام الحكم أو ألغي الدستور.
المادّة (17)
تضاف عبارة: ويتساوى هنا حق الرجل بحق المرأة.
المادّة (22)
تضاف عبارة: ويحق لكل كيان إداري تطوير نفسه وفق إمكانيّاته المتاحة.
المادّة (23)
تضاف عبارة: إلى أن يعاد تأهيله.
المادّة (25)
تستبدل عبارة (مصارفها الرسميّة) بدل الشرعيّة.
المادّة (68)
يعدّل عمر الناخب لمجلس النوّاب إلى (16 سنة) بدل 18 سنة حكماً بأنّ أكثر من 40% من سكّان ليبيا هم في تلك الفئة العمريّة أو تحتها. كما أن الشباب هم رجال المستقبل.
المادّة (69)
أن ينزّل عمر المترشّح لمجلس النوّاب إلى 21 سنة بدل 25 سنة. أن تحذف كلمة "مسلم" بإعتبار أن من حق كل ليبي بأن يختار الدين الذي يناسبه، والمعيار يجب بأن يكون الإنتماء للوطن وليس الإنتماء للدين. الناس سوف تختار ما يناسبها، فإن رأت الناس بأن "الكفاءة" أهم من الدين يختار الناس من يروا فيه الكفاءة، ودين الدولة هو الإسلام على أية حال. تحدف كلمة "مسلم" من شروط كل المترشّحين لمؤسّسات الدولة بما فيها المجلس التشريعي، فالمعيار يجب بأن يكون "الإنتماء الوطني" وليس "الإعتقاد الديني" . . . فنحن يجب أن نؤسّس للدولة "العلمانيّة" لا الدولة "الدينيّة".
المادّة (105)
لايجوز لرئيس مجلس الشورى تولّي مهام رئيس الدولة في حالة شغر مكانه. لا يجوز الجمع بين السلطتين التشريعيّة والتنفيذيّة. يستبدل "رئيس مجلس الشورى" ب"رئيس الوزراء" الذي يجوز له شغر مكان رئيس الدولة إلى أن يتم إنتخاب رئيساً جديداً.
تلك هي بعض التغييرات التي رأيتها ضروريّة، ولكن يتوجّب الإستماع إلى رأي كل مواطن ليبي وكل مواطنة ليبيّة وإحترام ذلك إذا كنّا بالفعل نسعى إلى تأسيس دستور توافقي حقيقي يلبّي رغبات عموم الشعب الليبي ولا ينقص من حقوق أو واجبات أحد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
الرجاء وضع تعليقك