في الذكرى المشئومة الثالثة لحرق مطار طرابلس العالمي، أعيد هنا نشر مقال كنت كتبته حينها بتاريخ 13 يوليو 2014، وسوف أعيد نشر هذا المقال إلى أن تتم محاكمة كل مجرم شارك أو ساهم في حرق مطار العاصمة، وحتى ينال كل مجرم عقابه عن فعلته النكرة كي يصبح عبرة لمن قد يفكّر بمثل تفكيره في المستقبل.
كم ألمني أن أرى بلادي وهي تدمّر من أمام عينيّ وأنا اقف مشلولاً لا أستطيع أن أفعل أي شئ لإنقاذها. مشكلتي الكبرى أن الذي يدمّرها هو من المنتمين إليها وبإسمها. لو كان الذي يدمّر بلادي هو معتد من بلد آخر لهان الأمر عليّ في فهمه إستيعابه، ولكنت تقبّلت المحنة ولعملت على شحذ همم الليبيّين والليبيّات كي يهبّوا جماعة للدفاع عن وطنهم. مشكلتي أن الذي يدمّر بلدي هو من يقول بأنّه ينتمي إليها.
المشكلة الأخرى - وهي أكبر من السابقة - أن من يقوم بالهجوم على مطار طرابلس ويطلق عليه وابلاً من الصواريخ بهدف تدميره هو مزيج من "المتديّنين" الذين يخوضون هذه الحرب بإسم الإسلام ونسوا بأن يطلقوا عليها حرباّ مقدّسة. كتائب وميليشيات يقودها رجال دين وهي تحارب بإسم الإسلام، وتختار الخامس عشر من رمضان كبداية لحربها على العاصمة. الخامس عشر من شهر رمضان وهو من الأشهر الحرم فوق قدسيّته كشهر للصيام والتوبة والعبادة والتوجّه إلى الخالق كي يغفر الذنوب.
ألم يكن بوسعهم تأجيل هذه الحرب إلى ما بعد رمضان، ما الذي دفعهم لإعلانها اليوم؟. ألم تكن فيها كتائب الصواعق القعقاع منذ بداية ثورة 17 فبراير في عام 2011؟. لماذا الآن وفي هذا الشهر الفضيل، وبعد صلاة الفجر مباشرة؟. هل بوسع أي ليبي أو ليبيّة تسمية هؤلاء بالمسلمين، وهل يمكننا تصديق ما يقوله أمثال هؤلاء عن الدين؟.
لقد ضربوا مطار طرابلس الدولي بأربعة صواريخ غراد هذا الصباح، وضربوا مطار بنينة الدولي بثمان صورايخ غراد هذا الصباح أيضاً وهم وللأسف يهلّلون "الله أكبر" وانا أشاهدهم أمامي يرصّون مدافعهم بقاذفات ضخمة ثم يقولون "الله أكبر" ثم يطلقونها نحو باحة المطار وهم يرون أمام أعينهم طائرات كثيرة راسية على مدرجات المطار.
إنّهم وبسبق الإصرار والترصّد يدمّرون إقتصاد الشعب الليبي ويدمّرون بنيتة بلاده التحتية حتى يعيدوا ليبيا إلى عصور الظلام. نعم... إن من أطلق عليهم "الظلاميّون" كان قد أبدع في التسمية.
بالنسبة لأهل طرابلس أليس من حقّهم السؤال: وماذا تعمل كتائب مصراته في طرابلس؟. ألم تأتي هذه الكتائب لتدمير العاصمة وتحويلها إلى ركام حتى تنتقل كل الخدمات إلى مصراته وتصبح مصراته بحكم الأمر الواقع هي العاصمة؟. ألم تحوّل الخطوط الليبيّة والأفريقية هذا اليوم رحلاتها إلى مطار مصراته؟. ألم تأتي أربعة كتائب من مصراته لتدمير مطار طرابلس الدولي؟. أليست هي ميليشيات مصراته نفسها من تحاول الإنتقام بهذه العمليّة الغبيّة والدنيئة تنتقم لطردها من غرغور منذ عدة أشهر؟. أفيقوا يا أهل العاصمة فهناك من يعمل على إذلالكم وتهميشكم، وسوف يستولي طغاة الدين على العاصمة ليحوّلوها إلى قندهار تصبح فيها حياة البشر مستحيلة؟.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
الرجاء وضع تعليقك