يبدو من خلال متابعتي الحثيثة والمتأنّية لما يجري في بنغازي بأنّ أمور مدينتنا الحبيبة تسير كما هو مخطّطاً لها، وبأنّها تشرف على شفا النصر المؤزّر بإذن الله .... وربّما مع حلول عيد الفطر المبارك.
بنغازي سوف تكون أوّل مدينة ليبيّة تتحرّر عن جد وحقيقة لتصبح بذلك أوّل لبنة في جدار بناء الدولة العصريّة الحديثة والمتمدّنة والمتحضّرة.
بنغازي كما نعرف كانت معاناتها قد بدأت في عام 2011 وذلك بإغتيال رجلها الحقيقي وإبنها المخلص الفريق عبد الفتّاح يونس الذي كان له أكبر الفضل في تحريرها حينها من قبضة الطاغية القذّافي، وكان هو من أنقذها من سخطه وحقده الذي كان يضمرهما لها.
مسلسل الإغتيالات في بنغازي الحبيبة كان بالفعل قد بدأ حينها، وكان إغتيال اللواء حينها عبد الفتّاح يونس هو بمثابة الحلقة الأولى في مسلسل دموي وطويل جوهره التخلّص من قيادات الجيش وقيادات الأمن وقيادات الشرطة على خلفية خاطئة مفادها أن أهالي بنغازي كانوا يحقدون على هذه العناصر بإعتبار أنّها كانت سنداً ودعماً للطاغية القذّافي الذي لم تستصغ بنغازي طغيانه وجبروته. إستغلّ الإخوان المسلمون ومن كان يقف معهم ويشاركهم نفس التفكير ونفس الإعتقاد تلك الظروف للقضاء على كل مكوّنات الجيش والمرافق الأمنية والشرطيّة حتّى يتسنّى للجماعات الدينية السيطرة الكاملة على هذه المدينة وفرض القبضة الحديديّة عليها من خلال المليشيات المسلّحة التي تحوّل المنتمون إليها إلى مجرّد مرتزقة يفعلون ما يؤمرون طالما أن الدفع سوف يكون مقدّماً ووفيراً وغزيراً. فالمنتمين لتلك المليشيات لم يكن يهمّهم حينها وحتى يومنا هذا أي شئ غير الغنائم والهبات والعطايا، ويقيناً فإن المنتمين لتلك المليشيات في سبيل الحصول على عطاءاتهم هم مستعدّون للتضحية بكل شئ بما في ذلك القيم والمبادئ.
إنفردت الجماعات الدينيّة ببنغازي وأخذت تذبح رجالها ونسائها واحداً تلو الآخر حتى بلغ عدد المغدور بهم من ضبّاط الجيش والأمن فقط أكثر من 600 ضحية كانوا جميعاً من خيارات رجال العسكريّة الليبيّة والذين كان يحسب لهم ألف حساب من قبل القوى الخارجيّة (قطر وتركيا والتنظيم العالمي للإخوان المسلمين) في شأن الشكل والهيئة والتوجّه الذي كان معدّاً سلفاً للدولة الليبيّة بعد سقوط نظام حكم الطاغية معمّر القذّافي.
لقد كان إختيارهم لبنغازي غير صائب، ذلك لأن بنغازي كل رجالها ونسائها هم من أولئك الذين لا يمكن ليّ أذرعهم ولا يمكن تليينهم أو ترويضهم أو تدجينهم ومن ثمّ تملمت بنغازي وغضبت وتحسّست وهي ترى خيرة أبنائها يغيّبون الواحد تلو الآخر. رفضت بنغازي من جديد القبول بالطغيان، وكان أن قامت عمليّة الكرامة لإعادة الكرامة ليس لبنغازي وحدها وإنّما لكل ليبيا. كان إعلان عملية الكرامة بمثابة الإعلان الجرئ عن رفض الطغيان وكسر جدار الصمت الذي كان ينتصب حائلاً بين الآحاسيس العميقة المثقلة بالأحزان وبين الغليان الذي كان يفور في داخل الآحاسيس والأبدان. إنطلقت عمليّة الكرامة يوم 16 مايو 2014، وهي الآن تفرض وجودها وزخمها الكامل في بنغازي والمناطق الشرقيّة من البلاد بالإضافة إلى الكثير من المدن الأخرى في غرب وجنوب البلاد ومنها مدينة الزنتان. عمليّة الكرامة هي الآن بصدد الإعلان الرسمي عن تحرير بنغازي بالكامل، وهذا الإعلان بمجرّد صدوره سوف يكون إيذاناً بإنطلاق حملة كبيرة لتحرير كل ليبيا على نسق تحرير بنغازي ولكن بأقل خسائر وبأسرع وتائر.
فلننتظر إذاً ذلك الخبر المبهج بإعلان تحرير بنغازي لنستعيد به الأمل لتحرير كل ليبيا من الجماعات الدينية التي فاق طغيانها طغيان القذّافي، والتي أخذت تنتشر في كل أطراف البلاد مثل السرطان الخبيث... ومن مليشياتها الإسترزاقية التي تنفّذ لها مطامحها مقابل الدفع المسبق بعيداً عن أي شئ إسمه الوطنيّة أو حتى القيم الإنسانية.
أتمنّى من الفريق خليفة حفتر أن يصدر قراراً بإلغاء جميع التشكيلات المسلّحة في بنغازي بدون إستثناء أي فرد أو فصيل أو جماعة أو عشيرة أو قبيلة وأن يجمع كل السلاح من حاملية من غير المنتمين رسميّاً للجيش والشرطة حتى تصبح بنغازي أوّل مدينة ليبية نظيفة من السلاح وخالية من المسلّحين عدا أولئك المنتمين رسميّاً للجيش والشرطة والأجهزة الأمنية التابعة لهما، وبذلك فقط سوف يكون إبن وبنت بنغازي من أكثر أبناء وبنات الشعب الليبي آماناً في بيوتهم وفي أرزاقهم وفي ممتلكاتهم وحرماتهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
الرجاء وضع تعليقك