الإرادة هي أن تملك زمام أمرك.... مقدرتك على أن تقول "نعم" أو تقول "لا" حسب نظرتك وتقديرك
للأشياء. إرادتك هي حريّتك، هي ذاتك، وهي مقدرتك على التمييز بين الخطأ والصواب.
كل إنسان يولد وتولد معه إرادة، ولكن يختلف الناس في إستخدامها من حيث
التوقيت والكمّية والإتّجاه. الإنسان المتعلّم والواعي والمثقّف هو من يمتلك الثقة
بالنفس، والواثق هو من يمتلك الإرادة ويمتلك حريّة الإختيار والتوقيت لإستخدامها. إرادتك الحرة هي مقدرتك الكاملة على إتّخاذ القرار وفق حساباتك
ووفق مقاصدك، وليس بالضرورة خضوعاً لقدراتك أو إستناداً إلى رغباتك.
منابع الإرادة
أنا شخصيّاً أرى بأن للإرادة منبع واحد وهو "كيان الإنسان"....
الإنسان هو مصدر الإرادة لنفسه. وهنا قد يقول قائل بأن الله هو مصدر إرادة الإنسان،
ولا أختلف أنا في مثل هكذا تفكير مع الأخذ في الإعتبار أن الله هو مصدر الحياة
ومصدر كل شئ في هذا الكون. النقطة التي وددت الحديث عنها هنا هي مقدرتنا نحن كبشر
على فرض إراداتنا على أنفسنا وعلى غيرنا من خلال أليّات نحن من يبدعها أو يختارها
من المتوفّر والمتواجد.
الخوض في مثل هذا الشأن قد يضطرّني للحديث عن "المسيّر والمخيّر"،
وهذا الموضوع ربّما يراه البعض على أنّه مثل جدليّة "البيضة والدجاجة". أنا لا
أراه كذلك إطلاقاً، لأنّني أؤمن بأنّ الله – سيّد الكون – هو من يحمل الشارة النهائية والعليا لتسيير هذا الكون، ولله حساباته التي هي ليست حساباتنا ولا
يمكننا قطعاً الإحاطة بها أو فهم حيثياتها إلّا وأن يكون ذلك من باب الإجتهاد.
لو أنّنا تحدّثنا عن الإنسان وبحثنا في أمر قدراته فإنّني أقول وبكل ثقة
بأنّ الإنسان يملك زمام أمره وذلك يعني بأن الإنسان هو "مخيّر"، وفي هذا
الكثير من الدلائل في القرآن الكريم: {وَقُلِ
الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ}،
وقوله تعالى: {مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ
فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا}، وقوله: {قَدْ جَاءكُم بَصَآئِرُ مِن
رَّبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَاْ
عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ}، وقوله: {مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدي
لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا}... وهناك المزيد في
القرآن الكريم ما يدعم القول بأنّ الله أرسل الرسل بآياته للبشر، وآبان لهم ما
يعملونه وما يجتنبونه، وحّذّرهم إن هم أخطأوا بسوء العقاب وفي نفس الوقت وعدهم
بحسن الثواب إن هم أصابوا، ووعد الخيّرين منهم بالجنّة كثواب وعطاء وليس كغاية
وهدف.
إذاً.... من هنا نرى بأنّ الله بيّن لنا علامات المرور السليم الآمن، وبيّن لنا
مخاطر الطريق، وحذّرنا من المطبّات، وآبان لنا أنواع العقاب وحذّرنا منه؛ ثمّ بعد ذلك تركنا
لنختار. ترك الله للإنسان المجال واسعاً ورحباً ليختار وجهته ولينتحي مسلكه وليتدبّر أمره،
لتبقى الحياة ككل بيد الله الذي يتدبّر أمورها وفق حساباته وليس وفق ما نراه نحن.
هناك بكل تأكيد تأتي "الغيبيّات"، وهناك موضع "القضاء
والقدر"؛ ولكن – وحتّى في ذلك الأفق – يبقى الإنسان مخيّراً بأن يسير إلى حيث
أراد بشرط أن يتحمّل وزر أمره في هذا المجال. قال الله تعالى: {قَدْ جَاءكُم
بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا
وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ}... أنظر إلى بلاغة القول: وما أنا عليكم
بحفيظ. ويمكننا أيضاً تدارك ذلك يقيناً في قوله تعالى: {كُلُّ امْرِئٍ بِمَا
كَسَبَ رَهِينٌ}، وفي قوله: {إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}...
وهناك الكثير من هذا المنوال في كتاب الله العزيز الشامل.
إذاً... أنا أرى بدون أدنى شك، بأن الإنسان هو مخيّر في عالمه وفي توجّهاته
وفي إختياراته وفي أفعاله، وهذا يجعل حسابه يوم القيامة عادلاً. فالإنسان يحاسب على
ما فعل بإختياره وإرادته وليس على ما يلزم بفعله أو يتم تسييره إليه.
من هنا... أنا أرى بأنّ قضيّة "المخيّر والمسيّر" تعتبر محسومة
بالكامل ولا تحتاج إلى المزيد من الإجتهاد إلّا وأن يكون ذلك في باب المزيد من
الفهم والإدراك والتصوّر والتيقّن.
إذاً... طالما أن الإنسان مخيّر فهو يحتاج إلى "إرادة"، وتلك حباه الله بها. كل إنسان يولد وتولد معه إرادة تتناسب وعمره ومقدار خبرته الحياتيّة.
العلاقة بين القوّة
والمقدرة والإرادة
للبحث في هذه العلاقة
يتوجّب علينا التعرّف على العناصر الثلاثة كلّ على حده. أنا قمت بتعريف الإرادة حسب
ما أعرف وما أفهم وما أتصوّر، والآن يتحتّم عليّ تعريف القوّة ومن ثمّ تعريف
المقدرة وتوضيح العلاقة الجذريّة بين الثلاثة.
القوّة
هي فعل الشئ والتمكّن منه،
أو بمعنى آخر هي: مقدار المنجز في وحدة الزمن.
القوّة لها مكوّناتها
الفيزيائيّة(الطبيعيّة) وهي بكل تأكيد تختلف من شخص لآخر، وتختلف في الشخص حسب
العمر وحسب فعاليّة المكوّنات ومقدار تعاملها مع بعض أو ضدّ بعض، ويضاف الزمن
كوحدة ثابتة إلى المكوّنات الفيزيائيّة.
بالنسبة للإنسان،
المكوّنات الفيزيائيّة تشتمل على تركيبة الجسم الملموسة أو المدروكة من عضلات
وعظام ومفاصل وأربطة مضافاً إليها التغذية الدموية والعصبيّة(الكهربائيّة).
المقدرة
هي التمكّن الفعلي من الأداء... بمعنى أن مقدرتك تعني تمكّنك من إستخدام
القدرات التي تمتلكها. والمقدرة هي أكبر وأشمل من القوّة، لأنّها تعني بكل يسر
وسهولة: القوّة في وجود الإرادة.
من هنا يمكن القول بأن المقدرة لا تعني بالضرورة القوّة، والقوّة ليس
بالضرورة أنّها تعني المقدرة على فعل شئ ما. فمقدرتك على فعل أي شئ لابد وأن يتوفّر
لها عاملين مهمّين جدّاً وهما: حيازتك للقوّة وإمتلاكك للإرادة على إستخدامها...
فالقوّة بلا إرادة - مهما كبرت - هي كمّ بلا إفادة وفشل بلا هوادة.
القوّى الكامنة
في داخل كلّ منّا توجد قوى كامنة تكون في العادة غير منظورة، ولم يكن
منذ عدّة سنوات متيسّراً التعرّف عليها بإعتبار أنّها كامنة في داخل أنفسنا، وقد
تكون هي الإرادة أو ربّما تعتبر "آساسيّات الإرادة".
تمكّن العلم الحديث من التعرّف على العديد منها وربّما حساب
كمّياتها أو على الأقل أماكن تواجدها وطريقة توزّعها، وكذلك قدراتها النوعيّة.
يقول العلم الحديث إن القوى الكامنة في داخل جسم الإنسان هي من
يحدّد كم إرادته ومن ثمّ مقدرته على فعل أشياء في وجود عامل الزمن، وهذه القوى
الكامنة هي ربّما تدخل في إطار "المحفّزات" Motivators، وهذه بكل تأكيد
تختلف من شخص لآخر من ناحية، وتختلف في نفس الشخص من ظرف لآخر ومن وقت لآخر.
من بين القوى الكامنة (المحفّزة) التي تم التعرّف عليها يمكنني
ذكر الآتي:
- الإندور فين: الإندورفين هو المورفين الطبيعي الموجود في داخل الجسم. الإندروفين تفرزه خلايا خاصّة في داخل دماغ الإنسان، وهو يقوم بعرقلة سريان شحنات الألم الكهربائيّة في الألياف العصبيّة بين الخلايا المختلفة ممّا يمنع من تكبيرها وتحويلها إلى إشارات مؤذية تسمّى "الألم". كذلك يقوم الإندورفين بتسريع نقل إشارات "السعادة" الكهربائيّة في الألياف العصبيّة ليسهل تنقّلها بين خلايا قشرة الدماغ ممّا يجلب السعادة للإنسان..... والسعادة تخفّف الألم أحياناً بأقوى من المسكّنات.
- الإنكيفالين: تركيبات بروتينيّة متناهية في الصغر تقوم بدور الوسيط الذي يمتزج بمستقبلات الإندورفين في آماكن مختلفة في الجسم فتزيد من فعاليّتها لتسكين الألم الغير عصبي Nociceptive pain والذي يكون مصدره من العظام والعضلات والمفاصل والجلد والأحشاء الداخليّة.
- دينورفين: ببتيدات بروتينيّة متناهية في الصغر تعين الإندورفين في تسكين الألم من خلال مراكز منتشره له في النخاع الشوكي وفي المخ.
- الهيبوكريتين: ببتيدات بروتينيّة صغيرة تنتجها غدّة "المهاد" Hypothalamus، ومهمّتها الأساسيّة هي تنظيم تبادلية النوم واليقظة Circadian Rhythm، ونقص إفرازها في الجسم يؤدّي إلى التعب والخمول والإرتخاء.... ثم النعاس.
هذه الجزئيّات البروتينيّة الصغيرة
كلّها أكتشفت حديثاً، وهي الآن محل إهتمام من قبل المتخصّصين في معالجة الألم،
والكآبة، وإضطرابات الشخصيّة؛ حيث أن هذه العوامل قد تستخدم مستقبلاً لمعالجة الكثير
من الظواهر التي تعتبر وإلى حتّى الآن "نفسانيّة" أو ما قد ينسبها شيوخ
الدين إلى مؤثّرات السحر والجن والشياطين.
هناك الكثير ممّا لم يكتشف بعد من تلك
الكيميائيّات التي يفرزها الجسم بهدف رسم معالم الشخصيّة الإنسانيّة والرفع من
مقدار التحفّز وروح المبادرة ودرجة التفاؤل وكم الفرح وإرادة الفعل. والذي يتوجّب ذكره هنا أن هذه الكيميائيّات الصغيرة التي تنتقل في إنسياب كامل بين خلايا المخ والنخاع الشوكي يفرزها الجسم بغزارة في حالات الإرتياح والإنشراح والإنشكاح، وتكثر بشكل كبير في فترة الإجازات والعطلات السنوية التي يستمتع بها أصحابها بالكثير من الحماسة والثبور. كذلك فإن تلك الكيميائيّات العلاجيّة الذاتيّة (يفرزها الجسم) ترتفع مستوياتها في الدم في حالات الإرتخاء الأخرى، والتي من بينها الصلاة والخشوع والتسبيح حينما تكون تلك العبادات صادقة ومخلصة لوجه الله بدون رياء أو تظاهر. كذلك في حالة قراءة القرآن بتعمّق وبتروّي وبعاطفة إيمانيّة. هذه الكيميائيّات تزيد في الجسم أيضاً في جلسات اليوغا والتهجّد والإستماع إلى الموسيقى الهادئة، وحالات التنويم المغناطيسي والإنسجام العاطفي(الغرامي المتيّم) القوي الذي يستفيد منه كل من الطرفين.
العلاقة التنافريّة بين الإرادة والجن
والشياطين والسحر
عندما تستمع إلى شيوخ الدين وهم
يتحدّثون عن الشيطان ومسّ الجن وتأثير السحر على الإنسان تحسّ بأن الإنسان هو بمثابة مخلوق ضعيف وواهن ومنقاد لا يمتلك إرادة ولا يصنع قرار. هذا الإنطباع الخاطئ هو يقيناً ناجماً عن جهل
بقدرات الإنسان الكبيرة من ناحية نتيجة لغياب المعرفة البيولوجيّة لدى شيوخ الدين،
وناجماً أيضاً عن منتجات الخيال العقيم المتوارث عبر الأجيال من خرافات القدماء منذ أيّام
الفراعنة والإغريق وما كان قبلهم من الأمم والشعوب التي لم تمتلك حينها
العلم ولم تمتلك المعرفة.
عوامل الجهل وضيق الأفق وغياب أخيلة
التصوّر تدفع الإنسان إلى التخوّف والإرتعاب الغير مبرّر(الهلع) الذي يؤدّي إلى التوجّس من كل شئ يعيش
في الخيال(التوهّم) مثل الجِنّة والشياطين والغولة والأشباح وتأثير السحر الكبير
على الإنسان. كثرة الإرتعاب والتوجّس من هذه المجاهيل تتحوّل في عقول ناقصي
المعرفة إلى أشياء عظيمة لا يمكن للإنسان أن يقاومها أو يصمد أمامها، فسرعان ما
ينهار المصاب في نظرهم تحت تأثيراتها ويتحوّل إلى كائن مخبول لا يستطيع أن يتصرّف أو
يتواصل أو يتعافى. وكذلك تأتي في هذا الإطار معتقدات أخرى مصدرها الجهل ومبقيها الجهل ومحافظ عليها شيوخ الدين والدجّالين، ومنها العين والفال والترقّب وكذلك إعطاء قيماً كبيرة لأشياء تحدث مصادفة وربطها بسوء الطالع أو "النحس".
تلك هي آساطير يتناقلها الجهلة وناقصوا
التعليم والمعرفة وبرعبهم يحوّلونها إلى جبال من المخاوف والهواجس والكوابيس المرعبة والتي عادة ما تخيف الطبقات الدنيا في المجتمعات القليلة التعليم والمحدودة الثقافة. المشكلة أن
هذه التخاريف تجد من يستمع إليها ويؤمن بوجودها وأثرها في كل بلاد العالم وفي كل
العصور والأزمان، لكن تقدّم العلم وإنتشار المعارف وسرعة تواصل الناس وتولّد ملكات التفكير والتدبّر عند المنتمين لهذا الزمان وخاصّة من الشباب قد تحوّلها إلى
سخريات يضحك الجيل الجديد على سخافاتها وضحالتها وتفاهاتها.
إن كل ما يفعله الإنسان من خير أو شر
هو من إختياره ومسيّر بإرادته هو وحده ولا علاقة للشيطان أو الجن أو السحر أو العين أو الفال أو سوء الطالع به من قريب
أو من بعيد. الإنسان بإرادته القويّة أو الضعيفة هو من يفعل الخير أو الشر، من
يسرق أو يتعفّف، من يرحم أو يتعجرف، من يعطف أو يقسو، من يَقنع أو يتكالب، من يُخلص
أو يخون، من يتعبّد أو يتبعّد، من يؤمن أو يكفر، من يحب أو يكره، من يتنازل أو يغتصب....
هذه كلّها من مفرزات "الإرادة" البشريّة ولا علاقة للشيطان أو الجن أو
السحر بها إلّا وأن يكون ذلك من صنع خيالاتنا أو تخيّلاتنا.
إرادة الإنسان هي التي تدفعه لعمل الخير
أو الشر، وهي التي تقرّبه من فعل المنكرات أو تبعده عنها. الإنسان هو من يختار أن
يمشي في هذه الطريق أو تلك ولا يمكن أن يمسكه جنّ أو شيطان من يده ويبعده عن
الجامع أو يدخله إلى الحانة. الإنسان هو من يختار بأن يفعل هذه أو يفعل تلك،
وإرادته الكامنة في داخله هي من يملي عليه ما يقوم بفعله. الإنسان بإرادته هو من
يقدر على أن يقول "لا" ويبتعد، أو يقول "نعم" ويقترب. الإنسان
بإرادته هو من يقدر على أن يقوم في الصباح مبكّراً أو أن يبقى نائماً كسلاناً في
السرير ولا علاقة للشيطان بأي من هذه أو تلك.... إلّا وأن يكون ذلك من بنات خيالاتنا.
الإنسان بإرادته هو من يتكاسل ويتراخى
ويفشل في عمله، أو ينشط ويجتهد فينجح في حياته. الإنسان بإرادته الكامنة هو من
يلتزم بعمل الخير أو يجنح لفعل الشر، ولا شيطان بوسعه أن يرغم الإنسان القوي
والواثق على فعل شئ هو لا يريد فعله... قال الله تعالى:{ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ}... أنظروا وتأمّلوا: إلّا من أتّبعك من الغاوين... أتّبع: فعل، والفاعل هو من يملك إرادة الإختيار.
الإنسان القوي لا يخاف من الشياطين ولا يعيها أي إهتمام لأنّه أقوى منها بإرادته، والإنسان المتعلّم والواعي والمثقّف هو القوي بشحصيّته والقادر على تسيير شئون حياته ولا يمكن لأيّ ساحر في العالم - مهما ظنّ بأنّه من كبار السحرة - بأن يسحره أو يؤثّر فيه، ولا يستطيع أي جنّي مهما كبر وعظم وترعرع في عقول شيوخ الدين أن يمسّه بسوء أو يتسرّب إلى جسمه ويسكن فيه كما تسرد الحكايات وتروى القصص من خلال شاشات التلفزيون على ألسنة شيوخ الدين والمشعوذين وتجّار التقيّة والرقية والأحجية والكتاتيب.
الإنسان القوي لا يخاف من الشياطين ولا يعيها أي إهتمام لأنّه أقوى منها بإرادته، والإنسان المتعلّم والواعي والمثقّف هو القوي بشحصيّته والقادر على تسيير شئون حياته ولا يمكن لأيّ ساحر في العالم - مهما ظنّ بأنّه من كبار السحرة - بأن يسحره أو يؤثّر فيه، ولا يستطيع أي جنّي مهما كبر وعظم وترعرع في عقول شيوخ الدين أن يمسّه بسوء أو يتسرّب إلى جسمه ويسكن فيه كما تسرد الحكايات وتروى القصص من خلال شاشات التلفزيون على ألسنة شيوخ الدين والمشعوذين وتجّار التقيّة والرقية والأحجية والكتاتيب.
إرادة الإنسان وقدراته التي يستطيع أن
يستخدمها هي من يدفعه إلى هنا أو هناك وهي ما يبعده عن هذا أو يقرّبه من ذاك،
وإرادته هي التي تبعده عن فعل الرذيلة وليس الأحجبة والأنقاب والبراقع واللحي
الطويلة أو الهرك الواسعة والسراويل المشمّرة، وليس التعاويذ والتبرّكات والطقوس والدعاء والإبتهالات. إرادة الإنسان وقدراته الكامنه هي ما
يحميه من شرور الشياطين وهي شرور نفسه الأمّارة بالسوء التي يستطيع أن يتحكّم
فيها ويسيطر على نوازعها ومغرياتها. الإنسان الواثق هو ذلك الذي يمتلك الإرادة ويقدر على أن يقول "لا" حينما تكون "لا" لازمة، ويقول "نعم"
حينما تكون "نعم" لازمة حسب مقتضيات الأحوال. الإنسان الذي يمتلك الإرادة
لا يمكن الضحك عليه أو تسييره أو تجييره أو توجيهه أو إستغلاله أو سحره مهما ظن
السحرة بأنّهم من الفالحين. أنت هو من يخضع أو يعترض، وأنت هو من يقول لا أو نعم،
وأنت هو من يرد على الدجّالين بفعل تلك القوّة النابعة من ثقتك بنفسك والمنتجة لإرادتك....
فلا تصدّق خزعبلاتهم وثق في نفسك لأنّك أنت من يمتلك الإرادة التي لا يمكن قهرها، وبإرادتك تقهر المستحيل وتحقّق الصعب وتنجح في حياتك بدون أن يتجمّل عليك أي إنسان آخر.
مقال رائع ...كل ما ذكر فيه يتشابه جدا مع قناعاتي خاصة ما يتعلق بالسحر و الشعوذة و المؤسف ان هناك نسبة لا بأس بها من المتعلمين و المثثقفين ( اعرف شخصيا اطباء من الجنسين ) لديهم قناعة راسخة و يعتقدون تماما في وجود السحر و تأثيره على حياة البشر..
ردحذفد.حنان رحومة
أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.
ردحذفأنا لم أحذف أي شئ وبصدق لا أدري من الذي حذف وماذا حذف.
حذفأشكرك جزيل الشكر أخت حنان. بكل تأكيد القصد من الكتابة هو محاولة لتثقيف الناس وعمل على تغيير المتوارث، وأمل في أن تتغيّر العقول.
ردحذف