الحياة هي دينامية ومتحرّكة وهي تسير إلى الأمام وتشهد تغييرات جذرية في كل يوم. من أجل أن يكون أي شئ صالحاً لكل زمان ومكان لابدّ وأن يتم تحديثه وتطويره وإعادة فهمه حتى يتماشى مع تغيير الحياة وينسجم مع مستجدّاتها.
نحن دائماً نقول بأنّ القرآن صالح لكلّ زمان ولكلّ مكان، ولا أعتقد بأنّه يوجد بيننا من يعترض على ذلك؛ ولكن علينا الإتفاق بأنّه لكي يكون القرآن صالحاً لكل زمان ومكان فيتوجّب علينا تجديد فهمنا له حتى يتواكب مع الزمان والمكان بإعتبار أن الزمان يتغيّر والمكان يتغيّر والحياة تتطوّر وساعة الزمن لا يمكنها إلّا وأن تدور إلى الأمام.
هناك نقطة أخرى يجب التنبيه عليها والرجوع إليها وهي أن مقاصد الله في القرآن لايفهمها إلّا هو، ومن أجل أن نحاول نحن فهمها فعلينا الإجتهاد فيها. الإجتهاد من أجل أن يعيش ويبقى لابد وأن يكون متجدّداً وخاضعاً للنقاش والحوار والمراجعة والتنقيح بهدف التحديث.
نحن بكل تأكيد في حاجة إلى تحديث كل فهمنا للإسلام، وفي حاجة ماسّة لتنقية ديننا من كل الشوائب التي علقت به عبر الأجيال والعصور. لابدّ لنا من مراجعة كل شئ وليكن مرجعنا ومصدرنا الوحيد في كل ذلك هو "القرآن الكريم" الذي لا يدخله الباطل من بين يديه ولا من خلفه. نعود إلى كل الآحاديث التي نسبت إلى الرسول عليه السلام ونقوم بفحصها واحده واحدة ونبحث عن سند لها في القرآن، وما لم نجد له سنداً أو ذكراً في القرآن نحذفه بإعتباره يعتبرتشويها للدين. علينا بألّا نقبل تفسيرات شيوخ الدين وتأويلاتهم فذلك هو ما أفسد علينا ديننا، ولا نقبل فتاوي المفاتي، وإنّما نضع القرآن أمامنا ونرجع إليه بكل صدق وإخلاص؛ وحينها فقط ننقّي ديننا من القاذورات التي ألحقت به، ونصبح بذلك أمّة إسلامية نقيّة نتفق كلّنا حول كل ديننا وليس بعضه. حينها سوف لن يكون هناك مبرّراً لوجود شيعة أو سنّة، أو وهابية أو حنبلية أو مالكية أو أحمدية أو يزيدية أو علوية أو أباضية أو حنفية أو شافعية أو غيرها. حينها يكون أمامنا ديناً واحداً كما أنزله الله لا نجد فيه ما يفرّقنا أو يحدث العداوة بيننا.
نحن في حاجة إلى تنقيح ديننا بنظرة عصريّة ومنفتحة على غيرنا مع الحفاظ على مصدر ديننا وجوهره وهو القرآن كمرجع وحيد وموحّد.... ولكن علينا بأن نجدّد فهمنا للقرآن في كل نصف قرن على الأقل.
أنا أعتقد بأن كل كل مشاكلنا بالنسبة للدين هي من شيوخنا.... شيوخ الدين الذين أنا أعتبرهم آفة الدين التي أفسدته وكرّهت الناس فيه. لم يكن شيوخنا هم وحدهم من أفسد الدين ونفّر الناس منه، فقد سبقهم إلى ذلك شيوخ المسيحيّة(القساوسة) وشيوخ اليهوديّة(الأحبار)، وها نحن نكرّر نفس المشاهد ونمر بنفس السيناريو وسوف نصل إلى نفس النتيجة. لقد ثار المسيحيّون على شيوخهم، وثار قبلهم اليهود على أحبارهم، وسوف نثور نحن المسلمون على شيوخنا... قساوستنا الجدد.
شيوخ الدين ليسوا علماء ولا يمكن نعتهم بالعلماء وليست لحومهم مسمومة كما يدّعون، ودعك من "العلّامة" ، "بحر العلوم"، والأستاذ الدكتور الشيخ، وبقيّة النعوت التي يتلذّذ بها شيوخ الدين عندنا. الإسلام لا يوجد فيه شيوخ دين وهذا ما يميّز الإسلام عمّا سبقه. القرآن أنزل بلغة أهله وهي "العربيّة"، وبذلك فإنّ القرآن هو لكل البشر أن يقرأوه ويفهموه بدون وسائط يفسّرونه لهم. أمّا أن يستحوذ شيوخ الدين على تفسير الدين لنا وينفردوا بذلك في وسط إقصاء الغير فتلك ديكتاتورية منهم وإقصاء لنا نحن عموم الشعب الذين إخترنا بأن نقرأ ديننا ونفهمه لكنّنا لا نلقّب أنفسنا بالشيوخ ولا نتستّر تحت جلابيب التديّن كما يفعلون.
ديننا نحن من يجدّده ونحن من يعيد تميحصه وتنقيته لآنّه ديننا، ولآننا لا نقبل بأن يقف شيوخ الدين بيننا وبين ربّنا وتلك هي أحقية أعطاها الله لنا وحبانا بها. لابد من وجود كل علماء الحياة والفلاسفة وعلماء اللغة وعلم الإجتماع والعلاقات الدولية وعلماء الإقتصاد وعلماء الطبيعة وعلماء الطب والهندسة والحواسيب والإستراتيجية والتجارة الدولية والتقنية المدنية والعسكرية.... لابد وأن يكون هؤلاء كلّهم ممثّلين في لجنة تجديد وتحديث الدين من خلال إعادة تفسيرنا للقرآن وإعادة فهمنا له إن رغبناه بأن يكون دين العصر الذي يرغّب كل إنسان فيه ويستهويه ويحوز على رضاه ومباركته... ثم دخوله فيه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
الرجاء وضع تعليقك