الفصل الأوّل: الحلقات السابقة . . . . الفصل الثاني: الحلقة الأولى الحلقة الثانية الحلقة الثالثة الحلقة الرابعة
الحلقة الخامسة الحلقة السادسة
(الحلقة السابعة)
أمراء الكوابح.... العقد القاعديّة
وعودة أخيرة إلى عمق المحيط، ربّما في هذه المرّة إلى أعماق جديدة حتى نصل إلى ما يعرف بالعقد القاعديّة Basal Ganglia.
وعودة أخيرة إلى عمق المحيط، ربّما في هذه المرّة إلى أعماق جديدة حتى نصل إلى ما يعرف بالعقد القاعديّة Basal Ganglia.
وقبل التعمّق والوصف دعوني أضع هذه الجواهر البشريّة في سياق قد تجدونه مفيداً ومعرفيّا وربّما سهل الهضم أيضاً. دعوني أبتدئ معكم بمفاهيم عامّة حتى لا يكون الكلام تخصّصيّاً أو مبهماً، فالهدف من كل هذه السلسلة هو توصيل المعلومة بما يفيد كل شخص بغض النظر عن نوع وكم تعلّمه.
هناك أشياء تسيّر حياتنا تنظّمها وتوظّبها خلايا في أدمغتنا بالنيابة عنّا بدون أن يكون لنا سيطرة عليها (آليّة) وهذه الخلايا تقوم بتنفيذ مهامها من وراء الكواليس وتشتغل بعيداً عن الأضواء وبعيداً عن الإرادة الإنسانيّة، فهي تستمدّ فعاليّتها بآوامر من خالقها كانت على شكل معلومات مشفّرة تفهمها وتتفاعل معها تلك الخلايا التي تتوزّع في قشرة الدماغ وهي تعرف يقيناً كيف توجّهها وإلى أين توجّهها ومتى توجّهها وتحدّد مقدارها وقيمتها كذلك.
الكثير من الأشياء تفعل لنا وتجهّز لنا من خلال "نظريّة المنع" أو ما قد يمكن تسميتّها ب"نظريّة الكوابح". بمعنى أن أشياءنا التي نفعلها في كل يوم وتصرّفاتنا التي نقوم بها ليست كلّها "أفعال" إيجابيّة، فقد نحتاج إلى نواهي، مثل "لا تكذب" ولا"تسرق" ولا "تضرب" ولا "تزنى" وغيرها من النواهي. تلك الأشياء نتعلم كيف نمنع أنفسنا من فعلها لأنّهما ممنوعة، والإيجاب فيها يعتبر سلبيّاً بكل تأكيد.
البشر يختلفون بين هذا وذاك في موضوع الإنتهاء أو الإمتناع، ومن السهل بأن تجد شخصين لهما قدرات مختلفة على تنفيذ النواهي، وتلك هي مهمّة أصعب من فعل الأشياء. الإرادة بكل تأكيد لها دورها الكبير والفعّال في هذا الإطار، وكلّما كانت إرادة الإنسان أقوى كلّما كان فعله أو إمتناعه عنها أقوى؛ غير أن هناك عوامل إضافية بالنسبة للنواهي أو المحظورات، يوجد منها ما نمتنع عن فعله(إرادة) ويوجد منها ما نٌمنع عن فعله(لا إرادة)، وهذا هو جوهر حلقة اليوم.
وددت أن أبيّن أيضاً بأن الأشياء التي نفعلها من السهل إدراكها من قبل أنفسنا ومن قبل المراقبين لنا، لكن الأشياء التي نمتنع عن فعلها أو تٌمنع عنّا، فهي ليست من السهل إدراكها بدون تفكير وتدبّر ومقارنة وإعتبار. أحياناً لا نحسّ بها أو نفتقدها إلّا عندما تتعطّل الأجهزة التي تشرف عليها أو تتحكّم فيها، ومن بين تلك الإختلالات ما يصيب "العقد القاعديّة" من أعطال نتيجة لعلل وأمراض تصيبها لعلّ أهمّها مرض الترهّل أو الإنحطاط Degeneration الذي يصيب العقد القاعديّة ويؤدّي إلى فقدان خاصيّة "الكبح"، وبذلك يقدم الإنسان المصاب على فعل أشياء لا يفعلها في الظروف العاديّة إلّا أن يكون تحت تأثير أدوية أو مهلوسات أو تحت تأثير فعل الكحوليّات المسكرة، ومن بين تلك الظواهر غياب سيطرة الإنسان على نوازعه ورغباته وملذّات نفسه مثل السرقة والكذب والقمار والشبق الجنسي. هناك ظواهر أخرى قد تبدو أكثر إندغاماً (إنغماساً على رأي الدواعش !) في وظائف العقد القاعديّة ولا يمكن الإحساس بها إلّا بفقدانها.
هناك ظواهر أخرى تعتبر "كابحيّة" وهي أيضاً لا نحسّ بها إلّا بفقدان الكابح لها نظراً لإنضغامها في حياتنا بشكل عميق ومستتر ومنها الخوف والإرتعاب والهوس والتخيّل ورؤية مخلوقات غريبة من بينها أناساً ميّتون وأناساً لم نرهم منذ زمن طويل، وكذلك ظواهر الشك والظن والتردّد والحيرة وغيرها.
الغريب في الأمر أن الجاهلين بمثل هذه المعلومات نظراً لجهلم وغياب المعلومة عنهم تجدهم من روعهم ووهلهم وشدّة خوفهم ينسبون هذه الظواهر إلى أفعال الجنون والشياطين والأغوال والأهوال وتأثيرات السحر، وما إليها من الأشياء التي يرسمها الإنسان من خياله نتيجة لجهله بطبيعة الأشياء وقصور علمه في نواحي حياتيّة كانت وإلى زمن قريب من المجاهيل على كل البشر.
وقبل التعمّق والوصف دعوني أضع هذه الجواهر البشريّة في سياق قد تجدونه مفيداً ومعرفيّا وربّما سهل الهضم أيضاً. دعوني أبتدئ معكم بمفاهيم عامّة حتى لا يكون الكلام تخصّصيّاً أو مبهماً، فالهدف من كل هذه السلسلة هو توصيل المعلومة بما يفيد كل شخص بغض النظر عن نوع وكم تعلّمه.
هناك أشياء تسيّر حياتنا تنظّمها وتوظّبها خلايا في أدمغتنا بالنيابة عنّا بدون أن يكون لنا سيطرة عليها (آليّة) وهذه الخلايا تقوم بتنفيذ مهامها من وراء الكواليس وتشتغل بعيداً عن الأضواء وبعيداً عن الإرادة الإنسانيّة، فهي تستمدّ فعاليّتها بآوامر من خالقها كانت على شكل معلومات مشفّرة تفهمها وتتفاعل معها تلك الخلايا التي تتوزّع في قشرة الدماغ وهي تعرف يقيناً كيف توجّهها وإلى أين توجّهها ومتى توجّهها وتحدّد مقدارها وقيمتها كذلك.
الكثير من الأشياء تفعل لنا وتجهّز لنا من خلال "نظريّة المنع" أو ما قد يمكن تسميتّها ب"نظريّة الكوابح". بمعنى أن أشياءنا التي نفعلها في كل يوم وتصرّفاتنا التي نقوم بها ليست كلّها "أفعال" إيجابيّة، فقد نحتاج إلى نواهي، مثل "لا تكذب" ولا"تسرق" ولا "تضرب" ولا "تزنى" وغيرها من النواهي. تلك الأشياء نتعلم كيف نمنع أنفسنا من فعلها لأنّهما ممنوعة، والإيجاب فيها يعتبر سلبيّاً بكل تأكيد.
البشر يختلفون بين هذا وذاك في موضوع الإنتهاء أو الإمتناع، ومن السهل بأن تجد شخصين لهما قدرات مختلفة على تنفيذ النواهي، وتلك هي مهمّة أصعب من فعل الأشياء. الإرادة بكل تأكيد لها دورها الكبير والفعّال في هذا الإطار، وكلّما كانت إرادة الإنسان أقوى كلّما كان فعله أو إمتناعه عنها أقوى؛ غير أن هناك عوامل إضافية بالنسبة للنواهي أو المحظورات، يوجد منها ما نمتنع عن فعله(إرادة) ويوجد منها ما نٌمنع عن فعله(لا إرادة)، وهذا هو جوهر حلقة اليوم.
وددت أن أبيّن أيضاً بأن الأشياء التي نفعلها من السهل إدراكها من قبل أنفسنا ومن قبل المراقبين لنا، لكن الأشياء التي نمتنع عن فعلها أو تٌمنع عنّا، فهي ليست من السهل إدراكها بدون تفكير وتدبّر ومقارنة وإعتبار. أحياناً لا نحسّ بها أو نفتقدها إلّا عندما تتعطّل الأجهزة التي تشرف عليها أو تتحكّم فيها، ومن بين تلك الإختلالات ما يصيب "العقد القاعديّة" من أعطال نتيجة لعلل وأمراض تصيبها لعلّ أهمّها مرض الترهّل أو الإنحطاط Degeneration الذي يصيب العقد القاعديّة ويؤدّي إلى فقدان خاصيّة "الكبح"، وبذلك يقدم الإنسان المصاب على فعل أشياء لا يفعلها في الظروف العاديّة إلّا أن يكون تحت تأثير أدوية أو مهلوسات أو تحت تأثير فعل الكحوليّات المسكرة، ومن بين تلك الظواهر غياب سيطرة الإنسان على نوازعه ورغباته وملذّات نفسه مثل السرقة والكذب والقمار والشبق الجنسي. هناك ظواهر أخرى قد تبدو أكثر إندغاماً (إنغماساً على رأي الدواعش !) في وظائف العقد القاعديّة ولا يمكن الإحساس بها إلّا بفقدانها.
هناك ظواهر أخرى تعتبر "كابحيّة" وهي أيضاً لا نحسّ بها إلّا بفقدان الكابح لها نظراً لإنضغامها في حياتنا بشكل عميق ومستتر ومنها الخوف والإرتعاب والهوس والتخيّل ورؤية مخلوقات غريبة من بينها أناساً ميّتون وأناساً لم نرهم منذ زمن طويل، وكذلك ظواهر الشك والظن والتردّد والحيرة وغيرها.
الغريب في الأمر أن الجاهلين بمثل هذه المعلومات نظراً لجهلم وغياب المعلومة عنهم تجدهم من روعهم ووهلهم وشدّة خوفهم ينسبون هذه الظواهر إلى أفعال الجنون والشياطين والأغوال والأهوال وتأثيرات السحر، وما إليها من الأشياء التي يرسمها الإنسان من خياله نتيجة لجهله بطبيعة الأشياء وقصور علمه في نواحي حياتيّة كانت وإلى زمن قريب من المجاهيل على كل البشر.
دعونا يا أيّها الإخوة والأخوات ندخل معاً في عمق المحيط الشاسع (الدماغ) للمرّة الأخيرة في هذه السلسلة لنتعرّف على تلك العقد المعقّدة والفريدة من نوعها، فلعل تعرّفنا عليها يطلعنا على معالم أخرى في حياتنا كنّا نجهلها لعدم عرضها علينا أو لعدم إحساسنا بأهميتها.
العقد القاعديّة Basal Ganglia
هي مجموعة من العقد العصبيّة تتكوّن من عصبونات Neurons تتوزّع في جزر رماديّة في المادّة البيضاء في عمق الدماغ. هذه التكتّلات الرماديّة تعرف ب"العقد القاعديّة" وسمّيت كذلك لأنّها تتوزّع في قاع أو قاعدة الدماغ. تتوزّع هذه العقد في مساحة صغيرة من عمق الدماغ تسمّى "جهاز خارج التركيب الهرمي" أو ما يعرف ب Extra-pyramidal System.
في هذه الحلقة سوف لن أتحدّث عن المخيخ وإنّما عن جهاز منظّم آخر كثيراً ما يتجاوزه الإنسان حينما يعمد للقيام بأية حركة أو عمل أو نقلة من أي نوع. هذا الجهاز هو الرابع في الأهميّة بعد الجهاز الحسّي والحركي والتنسيقي، وهذا الجهاز هو بدوره غاية في الإبداع من حيث التركيب والوظيفة والأليّة التي بها يؤدّي عمله.
تتكوّن العقد العصبيّة القاعديّة من الكثير من التكتّلات العصبيّة مع تواصل منتشر مع التركيبات المجاورة والبعيدة في الدماغ بشكل تكاملي وتناسقي عجيب يعكس عظمة الخلق في أنفسنا ودقّة الخالق في وضع الأشياء في مواقعها المختلفة حسب الحاجة إليها والوظيفة التي تؤدّيها.
مكوّنات العقد العصبيّة القاعدية
1-الكرة الشاحبة Globus Pallidus
2-البطامة Putamen
3-النواة الذنبيّة Caudate Nucleus
4-المادّة السوداء Substantia Nigra
5-النواة تحت المهاد Hypothalamic Nucleus
6-النواة الزيتونيّة Olivary Nucleus
7-التشكّل الشبكي لجذع المخ Brain Stem Reticular Formation
العقد القاعديّة من أجل أن تقوم بمهامها يتوجّب عليها أن تتواصل مع تركيبات مختلفة في الدماغ بشكل تبادلي وتكاملي وقد يكون معقّداً أيضاً.
وهذه أمثلة لبعض التواصلات الفاعلة والمؤثّرة في وظائف جسم الإنسان وكذلك مشاعره وآحاسيسه وتعامله مع عالمه المحيط. وتتواصل العقد القاعديّة مع الخلايا والأجسام الآتية لتتمكّن من القيام بمهامها كما يجب، وتحتسب كجزء مهم في دماغ الإنسان لا يمكن الإستغناء عنه:
- النواة الشبكيّة Reticular Nucleus، لتحافظ على التوازم بالتعاون مع المخيخ.
- النواة الدهليزيّة Vestibular Nulei، تستقبل رسائل للتوازن من المخيخ والأذن الداخليّة.
- السبل الدهليزيّة النخاعيّة Vestibulo-spinal Tracts، تتحكّم في كيفيّة ونوعيّة وإنسجام فن الوقوف الممشوق.
- النواة الحمراء Red Nucleus، تتحكّم في العضلات الجاذبة والتي تقوم بعملية ثني الأعضاء حول المفاصل.
- الأٌكيمة العلويّة Superior Colliculi، توظّب الكيفيّة والنوعيّة وفن الحفاظ على الرأس مرفوعاً بكل مهنيّة وثبات وثقة بالنفس.
- سبل السقف النخاعي Tecto-spinal Tracts، وهي تقوم بالمحافظة على الوقفة الواثقة والأنيقة مثل وقفات جنود الحراسة والمراسم، وكذلك راقصات الجمباز ولاعبات السيرك.
ويمكن القول بهدف التلخيص وتخفيف الضغط عليكم من كثرة المعلومات المطروحة، فإنّني قد ألخّص مهام العقد القاعديّة بالقول بأنّها هي المسئولة عن وظائف كثيرة يمكن تصنيفها تحت مهمّة وضع اللمسات الأخيرة لعمليّات الحركة بجميع أنواعها، علّ أهمها المشي والدوران وإستخدام الحواس في المستعملات اليوميّة مثل اليدين في الأكل والكتابة والممارسات الحركيّة الرفيعة والدقيقة مثل والرسم والتأزير والجمباز والرقص وألعاب السيرك والموسيقى وبقيّة الفنون الرفيعة التي تتطلّب دقّة متناهية في التوازن والثبات خاصّة على مرتفاعت شاهقة.
ويمكن القول في هذا السياق بأنّ الجهاز العصبي يقوم بكل أعماله مهما كانت ومن أي مصدر جاءت عن طريق توليد الشحنات الكهربائيّة من مصادر كيميائيّة وفيزيائية وحراريّة وكهرومغناطيسيّة يتعرّض لها الجسم في كل يوم وفي كل لحظة، وهذه الشحنات الكهربائيّة يتم تشكيلها وتوظيبها وتوقيتها بحيث تنتقل إلى الجزء الفاعل في الجسم حسب الحاجة وحسب الزمن بما يمكّنه من أداء الوظيفة المطلوبة منه بكل إتقان وبكل آمان وبكل أناقة. ومن هنا فإنّه يتوجّب القول من باب الإنصاف ونقل المعلومة الصحيحة بأنّ المادّة الكيميائيّة المهمّة التي تفرزها خلايا العقد القاعديّة والتي تعرف ب"الدوبامين" هي التي تتحوّل في عملية طويلة ومعقّدة في نهاية المطاف إلى مادة الأدرينالين والنورأدرينالين والتي بدورها تنعدم بعد أن تتحوّل إلى طاقة وثاني أكسيد الكربون وماء يخرج على هيئة عرق !.
وختاماً دعوني أترككم بعد هذه الوجبة الثقيلة من الملومات التي أراها غاية في الأهميّة... دعوني أترككم مع هذه السيمفونيّة: سيمفونيّه بيتهوفن الشهيرة رقم 5، وهي بالنسبة لي تريكم كيف يشتغل المخيخ في توظيب وتنظيم وإدارة كل أفعال الدماغ وتسييرها بكل دقّة وإتقان.
أمّا هذه القطعة الفنية الرائعة فهي حسب تصوّري ترسم كل أعمال "العقد القاعديّة" ومقدرتها على تأدية أعمال تشابه الكمال من الدقة والرصانة والإبداع، وكذلك الرونق واللطافة. هذه القطعة الفنيّة الرائعة عنوانها سنتقابل ثانية للفنّانة المبدعة "هيلي ويسترنا".....
فتمنّياتي لكم بإستماع ممتع، وعيدكم مبارك.
وختاماً دعوني أترككم بعد هذه الوجبة الثقيلة من الملومات التي أراها غاية في الأهميّة... دعوني أترككم مع هذه السيمفونيّة: سيمفونيّه بيتهوفن الشهيرة رقم 5، وهي بالنسبة لي تريكم كيف يشتغل المخيخ في توظيب وتنظيم وإدارة كل أفعال الدماغ وتسييرها بكل دقّة وإتقان.
أمّا هذه القطعة الفنية الرائعة فهي حسب تصوّري ترسم كل أعمال "العقد القاعديّة" ومقدرتها على تأدية أعمال تشابه الكمال من الدقة والرصانة والإبداع، وكذلك الرونق واللطافة. هذه القطعة الفنيّة الرائعة عنوانها سنتقابل ثانية للفنّانة المبدعة "هيلي ويسترنا".....
فتمنّياتي لكم بإستماع ممتع، وعيدكم مبارك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
الرجاء وضع تعليقك