خلق الله البشر بألوان وأشكال وأحجام وأطوال مختلفة لحكمة هو يراها، ويمكننا البحث في كنهها ومرادها. تنوّع البشر بهذا الشكل يعتبر ميزة وليس عيباً، ويعتبر لحمة لبني البشر وليس فرقة بينهم.
إن التنوّع بين البشر هو كمثل تنوّع ألوان الحياة. فكما أن تعدّد الألوان في هذه الحياة يجعلها جميلة وممتعة ومسرّة للنفس، فإنّ تنوّع البشر يخلق بينهم التنافس، وهذا التنافس يؤدّي إلى المزيد من الإبداع برغبة المضي بالحياة قدماً إلى الأمام.
كل منّا يرى الحياة بمنظار مختلف وذلك لا عيب فيه، فنحن كما أسلفت أعلاه خلقنا مختلفين ومن ثمّ فتفكير كل منّا لابد وأن يحتلف عن تفكير الثاني، وهذا الإختلاف له من الإيجابيّات أكثر من سلبياته.
إنّ من يرى منّا التنوّع في هذه الحياة لتي نعيشها ظاهرة صحيّة هو فقط ذلك الذي يقدر على رؤية الأفق أمامه واسعاً ورحباً، وهو بذلك تكون إختياراته كثيرة ومتعدّدة بقدر كونها متنوّعة.
عندما تكون إختياراتك متنوّعة تستطيع أن ترى الحياة أكثر إنفتاحاً وأيسر وقعاً، حيث أنّك تستطيع أن تنوّع إختياراتك ويسهل عليك تحديد أولوياتك بدون الكثير من العناء. حينما تكثر إختياراتك يرتفع عندك معدّل القناعة مما يقلّل رغبة التملّك لديك وتتحوّل إلى ما يشبه الزاهد في هذه الدنيا، لأنّ حدود السعادة عندك سوف تكون واسعة وأشكالها متعدّدة ودوافعها كثيرة.
الإنسان الذي تتوفّر لديه إختيارات كثيرة هو من يمتلك أسرار السعادة بين يديه، وهو من يقدر على خلقها لأنّه إن هو فقد هذه فيعرف يقيناً بأنّه يقدر على إمتلاك تلك، ومن ثمّ تصنع عنده القناعة ويغمره شعور الرضاء بما توفّر.
في المقابل فإنّنا نجد أن أصحاب العقول الضيّقة والتفكير المنغلق هم من يخاف من "المجهول" ولا يثق في المستقبل، ومن ثمّ نجده يتشبّث بالأشياء ويلتصق بالمادّيات ويتحوّل إلى إنسان آناني يكون مستعدّاً للتنازل عن كل قيمه ومبادئه من أجل تحقيق رغباته.
من هنا يمكننا الإستنتاج بأن ذلك النوع من البشر "المتفتّح" على الحياة هم من يرى الدنيا فسيحة ومتسعة فتكون الإختيارات أمامهم كثيرة ممّا يولّد عندهم الشعور بالقناعة والرضاء فتنحسر عندهم شهيّة التملّك ممّا يرفع في داخلهم مقدار الذوق فيتحوّلوا إلى متحضّرين ومتمدّنين، وحينها فقط يبخس عندهم التشبّث بالأشياء لمصلحة الغير الذين يتحوّلون من غرباء إلى أحباء، وبذلك تنشرح الحياة أكثر وتتسع أركانها فتصبح رحبة وجميلة.... وممتعة.
الطمّاع هو من يرى الدنيا ضيّقة وخيراتها قليلة وبقيّة البشر المحيطين به في مرتبة الأضداد أو الأعداء الذين يتوجّب عليه التخلّص منهم إو إبعادهم... أو إقصاءهم مهما كان الثمن، ولو كان ذلك من خلال "حزام ناسف" أو "سيارة مفخّخة".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
الرجاء وضع تعليقك