الثورة كثيراً ما تؤدّي إلى التحرير لكنّها أبداً لا تقدر على إحداث أي شئ بعده، والتحرير قد يفتح الطريق نحو البناء لكنّه يبقى ذكرى عزيزة في النفوس. علينا بألّا ننخدع بفعل حمّى التغيير علينا، وبدل ذلك لابدّ من إستخدام ملكة التفكير وخاصية التأنّي للتأكّد من جدلية إحداث التغيير والإطمئنان على إمكانيّة ديمومته.
بعد إعلان اللواء خليفة حفتر عن بدء المرحلة النهائيّة لتحرير بنغازي بالأمس، وبعد بدء الإستعدادات الحقيقيّة لتنفيذ ذلك الوعد الذي أثق بأنّه سوف يكون "حقّاً".... بعد كل هذا، فإنّني أقترح هذه الإجراءات لتأمين التحرير والمحافظة على ديمومته حتى تعود ثقة المواطن في نفسه أوّلاّ وفي مؤسّساته التي إنتخبها ثانياً.
- الأخذ في الإعتبار بأن إعلان التحرير ليس هو المرحلة النهائيّة، وعلينا هنا أن نتعلّم من "إعلان تحرير ليبيا في عام 2011".
- لابدّ من نشر نقاط تحرّك سريع حول مدينة بنغازي وعلى مسافات بعيدة منها تكون تلك الوحدات مجهّزة بأحسن الأسلحة الهجومية الفتاكة وتكون مصحوبة بأمر مستديم لإستخدام الحسم كلّما إستدعى الأمر لذلك.
- لابدّ من نشر وحدات للشرطة العسكرية المسلّحة وبآوامر لإطلاق النار كلّما دعت الحاجة لذلك تكون هذه الوحدات موزّعة حول كل الآماكن الحيويّة في مدينة بنغازي.
- لابد من تسيير دوريات شرطة منتظمة تكون راجلة تدعمها دوريات سيّارة وتكون كلّها مزوّدة بأجهزة إتصال مستقلة وفعّالة تغطّي كل شوارع وأزقة بنغازي..
- لابد من التعاون مع أهالي بنغازي ليكونوا عيوناً مراقبة على كل من هب ودب وتعطى لهم أرقام هواتف عاملة وفعّالة طيلة ال24 ساعة في اليوم توصلهم إلى مراكز النجده والشرطة العسكريّة حالاً.
- تبدأ تنظيمات المجتمع المدني في توزيع الأدوار بينها لإعادة الطمأنينة بين الناس والعمل على تنظيف الشوارع ومساعدة العائلات على ترميم مساكنها بما تيسّر. كما تكون من بين مهام تنظيمات المجتمع المدني المساعدة على توفير المواد الغذائيّة الأساسية ومستلزمات الحياة اليومية من خلال الجهات المعنيّة بكل مصلحة أو خدمة.
- تفعيل فرق الكشّافة لتقوم بالمساعدة بما تستطيع لتيسير الأمور للمواطنين.
- الطلب من رجال الدين المعتدلين للبدء في حملات توعيه وترشيد مع تذكير الناس بمبادئ الإسلام السمحاء والتي تدعو إلى التراحم والتحاب والتعاون والعطف والمواساة والصفح، وكذلك تنفير الناس من كل الدعوات التي تحث على القتل أو الإنتقام أو الثأرات أو العنف أو التفجيرات أو المغالاة في الدين أو هدم معالم المدينة بحجّة مخالفتها "لأصول الدين".
- مساعدة العاملين في الخدمات الصحيّة والطوارئ على القيام بأدوارهم وذلك بتوفير الأمن لهم والعمل على توفير إحتياجاتهم بما تيسّر.
- قيام وسائل الإعلام المحليّة التابعة لبنغازي بعمل حملة تنويريّة وتوعوية مدروسة تهدف إلى بث روح المحبة والتآخي بين كل أهل بنغازي بغض النظر عن جذورهم أو أصولهم أو طريقة تفكيرهم بحيث يشعر كل مقيم في بنغازي بأن المدينة هي مدينته وبأنّه يعيش مكرّماً معززاً فيها حتى يساهم في أمنها.... ولنتخلّى نهائيّاً عن عبارات "الأزلام"، و"الثوّار"، "العملاء".
- إعادة فتح كل المرافق التعليميّة بعد تنظيفها وتأمينها ثم عمل اللازم للمحافظة على أمنها بما يطمئن الأطفال ويطمئن أولياء أمورهم.
- الشروع في بعث البهجة والسرور في قلوب الناس وخاصة الأطفال من خلال المهرجانات والمسابقات والأعمال المسرحية من غناء وموسيقى وتمثيل، تكون أغلبها في الفترة المسائية ويفضّل المتحرّك منها بحيث تغطي كل مناطق بنغازي.
- تركيب كاميرات مراقبة فاعلة تكون مؤمّنه ضد العبث وتكون مربوطة بحجرة مراقبة تشرف عليها وحدة متخصّصة متصلة بكل مرافق الطوارئ والنجده حتى يثق المواطن في جدواها وتكون هي في حد ذاتها بمثابة روادع ضد كل من يحاول العبث بأمن المدينة.
- أن يتم التروّي كثيراً قبل الشروع في تحرير المدن الأخرى مثل درنة أو سرت حتى لا تتم بعثرة الجهود وتشتيت العمل الجماعي، وحتى لا يصاب هذا الإنتصار بإنكسار سوف يكون ثمنه باهضاً جداً.
- تشجيع الخبرات الليبيّة المهاجرة للمساهمة في تحسين الخدمات لبنغازي بما يعطي الإنطباع الحسن لبقية المدن الليبيّة الأخرى. وفي هذا الشأن فإنّني أدعو جميع الخبرات الليبيّة المهاجرة وخاصة الطبية منها على البدء في التفكير الجدي لبرمجة منتظمة ومتوازنة لسفر المهنيّين الليبيّين والليبيّات إلى مدينة بنغازي بعد إعلان تحريرها والمساهمة في مساعدة الناس، وليكن ذلك على مدى أسبوع أو ثلاثة أيّام لكل مهني ومتخصّص بما لا يتعارض مع وظائف هؤلاء في البلاد التي يقيمون فيها.
إن تحرير بنغازي سوف يكون بكل تأكيد هو الطريق نحو تحرير كل ليبيا، وبتحرّر بنغازي وإحساس أهلها بالآمان وبقية ثمرات النصر فسوف تنتشر روح التحرّر والإنعتاق في كل أرجاء ليبيا، وحينها سوف تخرج كل مدينة لتحرّر نفسها أسوة بما حدث في عام 2011.
لابد من المحافظة على ديمومة نجاح الإنتصار في بنغازي وعلى تحسيس الناس بثمرات التحرّر حتى تعود لهؤلاء الناس بوادر الأمل من جديد بعد أن قتلها في داخلهم العنف والجبروت.
إن التغيير يحتاج إلى مبادرين والمبادرة بكل تأكيد تحتاج إلى ثقة بالنفس، كما أنّها تحتاج إلى إقتناع الطرف الآخر بصدقية المبادرة وأهميتها في إحداث التغيير الإيجابي.
إن نشر الفوضى أيسر بكثير من إعادة النظام، والهدم يكون دائماً أسهل من البناء؛ ولذلك فيجب التفكير والصبر والتروّي... والأهم من كل شئ "الثقة بالنفس".
حفظ الله ليبيا من كيد كل كائد، وسوف تصبح ليبيا دولة عصريّة ومتحضّرة بإذن الله وبإصرار الخيّرين من أهلها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
الرجاء وضع تعليقك