قال الشاب الألماني "مالت هيرفيج" إبن ال42 سنة وصاحب كتاب "أكاذيب ما بعد الحرب- هتلر والظل الطويل" بأنّ الألمان كانوا قد إنتقلوا من كيان الشخص إلى كيان الدولة في التفكير وفي العقليّة بعد معاناة طويلة نتيجة لخسارة هتلر الحرب والصيرورة المدمّرة للشعب الألماني بذلك الشكل الذي أفقد الأمل عند الكثير من الألمان بعيد الحرب العالمية الثانية، بحيث بدأ الكثير من الألمان حينها يشعرون وكأنّهم إنتهوا وسوف لن تكون لهم عودة من جديد على الإطلاق.
يقول المؤلّف: كان الألمان في البداية بعد الهزيمة والإنكسار يبحثون عن بقايا للشخصيّة الألمانية التي تحلّلت وتبخّرت في زمن قياسي، وكان وقع الصدمة أكبر بكثير من أن يتم وصفه بذلك الشكل الذي أدّى بالكثير من الألمان إلى الإنتحار لأن تصديق هول ما حدث أصبح عندهم من المستحيلات.
يقول المؤلّف: في البداية كان الألمان تائهين وضائعين وفاقدين لكل أمل لهم بأن يجدوا مكاناً لهم بين شعوب أوروبّا التي بدأت تكرههم وتحتقرهم وتمقت عليهم. لقد كان الوضع مخيفاّ ومرعباً وباعثاً على الإحباط، لكنّ الكثير من الشباب الألماني قرّر بأن هتلر كان قد إنتهى وبأن ألمانيا لا يمكنها أبداً بأن تعني هتلر ومن هنا فإن هتلر إنتهى لكن ألمانيا باقية.
الحركة الشبابيّة تلك وجدت أصداء كبير بين الألمان، وبدأ البعض بالفعل يحسّون بأن الأمة الألمانية قد تدبّ فيها الحياة من جديد.
كان أوّل تغيير حدث في ألمانيا بعد هتلر هو "التحوّل من حب الشخص إلى حب الوطن" وبالفعل تراءت ألمانيا الدولة أمام أعين الجميع فأحبوها وإستحوذت على ألبابهم، ووجد الألمان من جديد شيئاً يمكنهم عشقه بعد أن مات عشقهم لهتلر. حلّت ألمانيا الدولة محل هتلر الزعيم(الشخص)، وبذلك بعث الأمل من جديد في أفئدة الألمان بأن بدأوا يرون دولة من الممكن أن تتكوّن من جديد.
يقول هيرفيج في كتابه: إن الذي أبقى ألمانيا على قيد الحياة هو إحلال الدولة محل الفرد في تفكير وعقلية الشعب الألماني، وبذلك وجد الألمان ما يوحّد إراداتهم بعد أن شرذمتها الحرب، وحب الشعب الألماني لألمانيا هو ما مهّد لبناء الدولة الألمانية من جديد، وهو نفس الحب الذي وحّد الألمانيتين.
وقال الشاب الألماني هيرفيج في مقابلة له مع راديو 4 هذا الصباح أيضاً بمناسبة "يوم الذكرى" المئوي للذين قتلوا في الحرب العالمية الأولى والذي وافق يوم 11\11\2014: منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وحتى عام 1992 لم تخل حكومة واحدة في ألمانيا من شخص نازي على الأقل يكون برتبة وزير، ولم يكن ذلك مقصوداً بل إنّه كان تلوّثاً فرض نفسه ولكن ألمانيا لم تخسر جراء ذلك :التلوّث" بل إنّها خرجت سليمة معافاة لأنّ الشعب الألماني لم يثر على تعيين نازيين في الحكومة فأولئك النازيّون كانوا ألمان في الأساس وكل ألماني في بلادنا كان يعرف يقيناً بأن هتلر كان قد إنتهى بما في ذلك عتاة النازيّة أنفسهم، وبذلك تجاوزت ألمانيا نكباتها وإنتكاساتها بتعاضد كل أهلها مع بعض بما فيهم النازيّون من أجل الوطن. وقال: إن الكثير من الشباب الألماني الذي كان يؤمن بعقلية وتفكير هتلر حيث تربى عليها وهو صغيراً إستطاع مع الوقت التخلّص من العقلية النازيّة بتحوّل "ذاتي" لم تفرضه الدولة في ألمانيا، وأعتقد بأن ذلك كان أحسن وسيلة لتغيير عقول وتفكير الناس... أي "التغيير الذاتي".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
الرجاء وضع تعليقك