من يقتل الناس ويعذّب المستضعفين في الأرض ظانّاً بأن الله بغافل عنه فهو واهم. إن الله يعلم ما يفعله الظامون من خلقه، لكنّه قطع على نفسه عهداً بأنّه سوف يمهلهم في غيّهم يهمهون حتى ينالوا جزاء ما فعلت أيديهم في دنياهم على أن يلحق بهم عذابه في أخراهم... وسوف يكونوا من الخاسرين.
بعد تلك الحرب الشعواء على الإعلاميّين ووسائل الإعلام الحرّة بهدف فرض الفكر الواحد والإعلام المؤدلج الغبي، أصبحنا وللأسف نحس بالغبن والإشمئزاز فقد تجاوز حالنا من السوء والكبت ماكنّا نعاني منه في عهد الطاغية القذّافي.
فبعيد قيام الثورة على نظام الطاغية القذّافي شهدت ليبيا نوعاً من الإنفراج الإعلامي فرح به الليبيّون والليبيّات وإعتبروه ربّما أهم إنجاز لثورة 17 فبراير بعد القضاء على الطاغية معمّر القذّافي. لكن وللأسف لم يستمر ذلك الإنفتاح الإعلامي وتلك الحريّة التي أصبح الشعب الليبي يتمتّع بها طويلاً، إذ سرعان ما بدأت عمليّات الإغتيال لشخصيات ليبيّة معتبرة من بينها ضبّاط في الجيش والشرطة وأجهزة الأمن تجد طريقها إلى وسائل الإعلام التي بدأت تتساءل عن القاتلين وعن الجهات التي تقف وراءهم، ولم يرق هذا الإنفتاح الإعلامي لأولئك الذين يغتالون تحت جنح الظلام و أسمال التخفّي فإتجه اولئك القتلة إلى وسائل الإعلام يعملون على تكميمها حتى يغتالوا من يشاءون بدون أن يتحدّث أحد عن أفعالهم، فإغتالوا الإعلامي القدير عبد السلام المسماري، ثم ألحقو به الإعلامي الطيّب مفتاح أبوزيد وبعده بأربعة أيام فقط ذبحوا الإعلاميّة الشابّة نصيب كرنافة، ولم تقتصر عملية إغتيال الصحفيين على الليبيّين فقط فقد تعرض الصحفي الفلسطيني عزالدين قوصاد الى الإغتيال في أغسطس الماضي من قبل مسلحين في مدينة بنغازي.
لم تقتصر عمليّات كبت الإعلام على إغتيال الصحفيين، بل إنّها تجاوزت ذلك لتشمل محطّات فضائيّة منها « ليبيا الدولية » و« العاصمة » و« ليبيا أولا » حيث تعرّضت هذه المحطّات الى عمليات تفجير وإقتحامات بسبب مواقفها المعادية لجماعة الإخوان المسلمون والجماعات التكفيرية والميلشيات المسلحة ، كما تلقى صحفيّون وإعلاميّون تهديدات بالتصفية الجسدية بسبب مواقفهم السياسية ممّا إضطرّهم إلى الهجرة من ليبيا فراراً بأرواحهم من أمثال الصحفي الشجاع محمود المصراتي، والصحفي واسع الإطلاع والثقافة عيسى عبد القيّوم الذي كان مهجّراً في عهد الطاغية القذّافي فأعيد تهجيره من جديد في عهد ثورة 17 فبراير، ويجب بألاّ ننسى في هذا الخضم الصحفي المبدع والعضو السابق في المؤتمر الوطني حسن الأمين الذي هو بدوره كان قد أعيد تهجيره من جديد إلى سابق منفاه في لندن بعد ثورة 17 فبراير التي كان هو من بين أكبر الناشطين في الإعداد لها عندما كانت جماعات الإخوان تسبّح بمجد الطاغية القذّافي وتتغنّى بأمجاده.
وبعد ضرب تنظيم الإخوان في مصر وهزيمتهم النكراء في الإنتخابات الليبيّة لمجلس النوّاب، تواصل إخوان ليبيا مع حليفتهم وداعمهم الكبير قطر فطلبوا منها إسكات صوت قناة "ليبيا الأحرار" وبالفعل فعلت قطر ما طلبوه منها فحوّلت تلك القناة إلى محطّة فضائيّة تحتضر بموت بطئ ونحن نراها الآن وهي تخفت ببطء وبعيداً عن الأنظار حتى تغيب بدون أن يحسّ بها أحد.
في وجود تعتيم إعلامي متعمّد، بدأت عمليّة الهجوم على العاصمة من قبل ميليشيات مصراته الإخوانيّة والمدعومة من قبل الجماعات الدينيّة المتشدّدة والمؤدلجة، وأخذت العاصمة تدمّر تدريجيّاً ووسائل إعلامهم تنقل لنا صورة مغايرة تماماً للوقائع حتى أصبح المواطن في حيرة من أمره ولم يعد يعرف ماذا يجري في بلده وماذا يحاق به ومن هي الجهة التي تطلق عليه صورايخ الغراد الغبيّة فتدمّر عليه بيته وتشرّد أسرته وأطفاله هروباّ من أثر تلك الصواريخ العمياء والغير موجّهة والتي صنعت في البدء بهدف إحداث الرعب بين سكّان المدن في عهد الإتحاد السوفييتي.
الليبيون والليبيّات أصبحوا اليوم تدكّهم تلك الصوارخ الغبيّة ولا يعرفون من أين تأتيهم ومن يطلقها عليهم ولماذا هم تحوّلوا إلى أهداف للجهة التي تطلق الصواريخ عليهم.
قبل أن تطلق تلك الصواريخ على الأبرياء في بيوتهم كانت قد أطلقت على مطار العاصمة فدمّرته بالكامل ودمّرت مالا يقل عن 14 طائرة حديثة كانت رابضة بالمطار كما أنها إستهدفت خزانات النفط فأحرقت أغلبها وبثّت الرعب بين سكّان العاصمة كما نتج عن تلك الأعمال العدائيّة بهذلة للمواطن في كل صنوف حياته اليوميّة من كهرباء وبنزبن وسيولة مالية ونقص حاد في الخدمات الصحية وبقية الخدمات التي يحتاجها المواطن ولم يعد قادراً على إيجادها.
في غياب وسائل الإعلام الحرّة، وبعد تهجير كل الصحفيين الأحرار الذين كانوا يصدحون بالكلمة الشجاعة، وتغييب من لم يتمكّن من الفرار منهم عن الأنظار من أمثال الناشط الإعلامي الطيّب عبد المعز بانون... في وجود هذا الصمت الإعلامي الرهيب أخذت الجماعات الدينيّة التي أحضرت الميليشيات المسلّحة إلى العاصمة بهدف تدميرها وإذلال أهلها.. أخذت هذه الجماعات تكذب على الليبيّين وتدجّل عليهم في وضح النهار. قالوا عن طريق وسائل إعلامهم المؤدلجة من أمثال قناة "النبأ"، وقناة "الوطنيّة"، وقناة "الرسميّة"، وقناة "مصراته" وغيرها... قالوا عن طريق هذه القنوات الكاذبة والمدلّسة بكل صفاقة بأن من يطلق الصواريخ الغبيّة على سكّان طرابلس الآمنين هم ميليشيات الصواعق، والقعقاع، والمدني، وبأن من فجّر مطار طاربلس العالمي هم ميليشيات القعقاع والصواعق والمدني، ومن أحرق خزّانات النفط هم مليشيات القعقاع والصواعق والمدني، وبأنّ عملية "فجر ليبيا" إنّما جاءت لتحرّر سكّان العاصمة من قمع الصواعق والقعقاع والمدني... هذا ما يقوله إعلامهم الذي تجاوز إعلام القذّافي كذباً وتدليساً على الليبيّين.
أنا لا تهمّني الميليشيات مهما كانت تسمياتها وإلى من تتبع، فأنا بكل صراحة ووضوح وبدون تردد مع الجيش الوطني ومع الشرطة المحترفة ومع جهاز أمن وطني تهمّه سلامة وأمن ليبيا، لكنّني أريد أن أرد على إعلامهم الغبي بالآتي:
كتائب القعقاع والصواعق والمدني هي من حرّر مطار طرابلس العالمي، وهي من حافظ على أمنه وسلامته لأكثر من 4 سنوات... لماذا لم تقم تلك الكتائب بحرق المطار طيلة السنوات الأربع الماضية؟. كتائب الصواعق والقعقاع ومدني هي من كانت تقيم بالقرب من خزّانات النفط في طريق المطار لأكثر من 4 سنوات... لماذا لم نسمع عن حزّان نفط واحد أصابه الأذى او تم الإعتداء عليه طيلة الأربع سنوات الماضية؟.
كتائب القعقاع والصواعق والمدني كانت تقيم في معسكرها في منطقة قصر بن غشيّر بالقرب من المطار لأكثر من أربعة سنوات... هل أطلقت قذيفة واحدة على سكّان العاصمة طيلة الأربع سنوات الماضية، فما بالك بصواريخ الغراد الغبية؟.
كيف يا أغبياء الإخوان ومن معكم من تجار الدين ومرتزقة الثورية من الحشّاشين وقطّاع الطرق ممن يسمّون أنفسهم بالثوار تقولون بأن ميليشيات القعقاع والصواعق والمدني هي من يفجّر ويحرق ويطلق صواريخ الغراد على سكّان العاصمة؟. من تظنّون بأنّه سوف يصدّقكم؟. قسماً، وقسماً فسوف تحاكمون على أفعالكم، وقسماً فسوف تنالون عقابكم من العدالة الليبيّة، ولكن العذاب الأكبر والإنتقام فسوف يأتيكم من سكّان العاصمة عندما يتمكّنون من قهركم... وسوف يفعلون.
أمّا سكّان مدينة مصراته، وكل مصراتي آخر أينما يقيم - بدون إستثناء هذه المرّة - بعدما شهد الليبيّون والليبيّات من صمت كل أهل مصراته على الجرائم التي قام ويقوم بها أبناءهم فإنّهم سوف يقاطعهم كل الليبيّين والليبيّات وسوف تنبذ مصراته بكل أهلها وسوف يحتقركم أبناء وبنات هذا الشعب وسوف تعيشون منبوذين والأيّام بيننا. قسماً فإن ظلمكم لأهل تاورغاء الغلابة سوف تعاقبون عليه في الدنيا وفي الآخرة، وسوف يكون عقابكم كبيراً وقاسياً ومذلاًّ... والأيّام بيننا.
ليبيا يا أهل مصراته هي أكبر منكم وأكبر من طغيانكم مهما كبر، وسوف تنتصر ليبيا على طغيانكم كما إنتصرت على طغيان القذّافي الذي تعرفون بأنّه كان أكبر من طغيانكم وجبروته كان أكبر وأقوى من جبروتكم.
أقول لكم بأن ليبيا هي أكبر منكم وبأن عنجهيتكم سوف لن تستمر طويلاً، فسرعان ما ينقلب السحر على الساحر، وسرعان ما يأتيكم غضب الله في الأرض من سوء أفعالكم ومن طغيانكم ومن عنجهيّتكم ومن ظلمكم السافر لأهل تاورغاء المساكين.... سوف ينتقم منكم الرب، وسوف لن تجدوا من يواسيكم أو يخفّف عنكم من الليبيّين بعد أن دمّرتم عاصمتهم وقتلتم الأبرياء من سكّانها وهم من ترجع أصول الكثيرين منهم إلى كل المدن والقرى الليبيّة الأخرى. سوف تنالون جزاء ما فعلت أياديكم، وسوف يتشفّى الليبيّون والليبيّات فيكم لأنّكم حوّلتم حياتهم إلى رعب وخوف ومآسي لم تصبهم حتى في زمن الطاغية القذّافي الذي لم تحرق مليشياته خزّانات النفط، ولم تضرب صواريخه الغراد وغيرها من الأسلحة الفتّاكة التي كان يمتلكها العاصمة، ولم تصب مدافعه مرافق العاصمة الحيويّة، فقد فعلت ميليشيات القذافي ما فعلت، لكن العاصمة كانت خطاً أحمر من القذّافي نفسه لميليشياته. أنتم من أستبحتم العاصمة وسكّانها وسوف تدمّرون كل معالم العاصمة بغبائكم وحقدكم وعنجهيّتكم، لكن العاصمة سوف لن تكون من نصيبكم. عاصمة ليبيا سوف تبقى وإلى الأبد هي طرابلس وعليكم أن تعوها.
وختاماً... أترككم مع هذا الفيديو وهو يعرض مجموعة من غوغاء مصراته وهم يطلقون صواريخ الغراد عشوائيّا وبدون أية مسئوليّة تذكر على العاصمة. رجائي أن تتمعّنوا في هيئة ومظاهر هؤلاء البشر وأن تحكموا بأنفسكم على مستوى تعليمهم ومقدار تحضّرهم لتفهموا من يعبث بأمنكم ويحرق خيراتكم ويحاول السيطرة عليكم وحكمكم غصباً عنكم.
https://www.youtube.com/watch?v=HsAo5CjYQEs
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
الرجاء وضع تعليقك