الحذّاق هم دائماً من يحاول إستغلال تلاطم التيّارت المتصارعة وذلك بتذكية قوّة الدفع من خلال الطاقة التي ينتجها ذلك التلاطم، بينما يخشى الغير الأقل حذقاً من فكرة التلاطم نفسها فيبتعدوا عن محيط آماكن حدوثها.
بعد أحداث جمعة الإنتصار للكرامة في مدينة طرابلس يوم 15 نوفمبر 2011 وبعد القفزات الباهرة التي تلت تلك الوقفة المشرّفة، يبدو أن أصحاب المصالح والنفوذ الذين كانوا مستفيدين من السيطرة على شوارع وميادين أغلب المدن الليبيّة... يبدو أن اولئك المنتمين للميليشيات المسلّحة بدأوا الآن يعيدون حساباتهم ليحاولوا العودة بسلاحهم من جديد للتحكّم في حريّة الناس وإفتكاك أرزاقهم من بين أيديهم رغم أن كل الليبيّين برهنوا وبكل صراحة عن إمتعاضهم من وجود تلك الميليشيات في شوارعهم وفي أزقّتهم ومن أمام منازلهم وفرحوا فرحاً كبيراً مبتهجين بخروج الميليشيات بعيداً عنهم.
الذي لاحظناه هو أن أغلب تلك الميليشيات تصرّفت وكأنّها قوات مستعمرة خارجيّة كانت تتحكّم في كل مرافق الدولة بقوّة السلاح والترهيب وفوق ذلك حينما خرجت هذه الميليشيات من طرابلس فعلت شبيهه (محاكاة) ما كان فعله الصهاينة حينما تركوا سيناء بعد إتفاق السلام مع مصر وما فعله الصهاينة حينما تركوا غزة حيث دمّروا كل المعسكرات التي كانت تابعة لهم، ودمّروا كل المباني والمصالح الحكوميّة التي كانوا يستخدمونها أثناء إحتلالهم لتلك الآماكن.
هذه التصرّفات الإستعماريّة حاكى بعضها من يسمّون أنفسهم ب"ثوّار ليبيا" والدليل الواضح في هذا الإطار هو ما فعلته كتيبة من يسمّون أنفسهم بثوّار مصراته في غرغور حيث قاموا بتدمير معسكرهم وقاموا بتفجير القيلّات السكنيّة في غرغور حتى لا يستفيد منها أي من الليبيّين بعدهم. وكذلك قام هؤلاء "الثوّار" بحمل 2000 قطعة سلاح ثقيل معهم إلى مصراته... أشياء محيّرة بالفعل.
النقطة الأخرى التي وددت إضافتها في هذا الإطار هو ما قاله السيّد عبد الله ناكر أحد قادة "الثوّار" هذا المساء من خلال قناة "ليبيا الأحرار" في مقابلة لها معه ذكر أخباراً في غاية الأهمّية حينما قال: نحن عازمون على الإجتماع ببقيّة الثوّار في مصراته في الأيّام القليلة القادمة حتى نحزم أمورنا بهدف العودة والإنتشار في طرابلس بهدف "حمايتها" من "الإخوان" و "جماعة عبد الحكيم بلحاج".
هذا التصريح هو بالفعل يجب إعتباره خطيراً جدّاً لأنّه يوحي بالإصرار على مقاومة إنتشار الجيش والشرطة في شوارع العاصمة، ويؤكّد بأن هؤلاء "الثوّار" هم من يستطيع المحافظة على ثورة 17 فبراير بعد أن إغتصبها "عملاء الإخوان" كما قال السيّد عبد الله ناكر وهو يقصد الجيش والشرطة.
نعم... فإنّ الإخوان في شخص سادات البدري ومن هم ورائه بما فيهم الشيخ الصادق الغرياني حاولوا بالفعل إستثمار الحراك الشعبي لصالحهم، لكنّني لا أخاف من الإخوان ولا أخاف من تجّار الدين الآخرين فهم الآن أصبحوا من المنبوذين من قبل كلّ الليبيّين والليبيّات ولم يعد بإمكانهم غمّ الشارع الليبي بإسم الدين أو بغيره. الإخوان والجماعات الدينيّة المتاجرة بالدين أصبحوا الآن نكرة في ليبيا وبدأ الشعب بالفعل ينظر إليهم كطغاة جدد قد يتجاوزا القذّافي طغياناً، ومن ثمّ فهم سوف لن يستطيعوا السيطرة على الشارع. الآن وقد شعر جنود ليبيا وشرطتها بأنّهم أصبحوا هم المحرّك الرئيسي لمجريات الأحداث في ليبيا فإنّ أبطال بلادنا سوف لن يكونوا مطيّة لأحد وسوف لن يقدر الغير على تغفيلهم ولو من خلال التلوّن والنفاق. الجيش الليبي سوف لن يكون إخوانيّاً وسوف لن يكون وهابيّاً حتّى وإن عيّنوا أذنابهم وتوابعهم لقيادته، فذلك المسعى الخسّيس لم ينجح في مصر وهو سوف لن ينجح في ليبيا.
وخلاصة القول... فإنّ المقصود من هذا المقال المتواضع هو أن نكون حذرين كليبيّين وليبيّات فهؤلاء المرتزقة سوف لن يتخلّوا عن ذلك النعيم الذين كانوا يعيشون فيه بسهولة، وعلينا بألّا نسمح لهؤلاء الفوضويّين بالعودة إلى شوارع العاصمة.... بل علينا بأن نواصل تلك المجهودات الكبيرة التي تقوم بها الآن قطاعات كبيرة من أبناء وبنات الشعب الليبي من أجل التخلّص من هؤلاء الغوغائيّين وبأي ثمن وليسمّوا أنفسهم كما يشاءون.... فهم في أعين الشعب سوف يبقون مجرّد مرتزقة والكثير منهم مجرمين وقتلة.
هناك أيضاً يتواجد من بيننا من سوف يحاول إستغلال الذي حدث في طرابلس لمصلحته من أمثال الإخوان بواجهة سادات البدري ومن يسيّره من الخلف، وهناك بلحاج وجماعته ومن يسيّرهم من الخلف في قطر وما جاورها. كل هؤلاء الإنتهازيّين يجب الحذر منهم والتنبّه لدسائسهم، فهم جميعاً لا يهتمّون بمصالح البلد ولا تهمّهم ليبيا في شئ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
الرجاء وضع تعليقك