نحن نعرف بأن الرئيس المصري السابق الدكتور محمد مرسي كان قد أصبح رئيساً لمصر من خلال إنتخابات حرّة ونزيهة وصادقة، وكان قد فاز بأغلبيّة كبيرة على منافسيه فهو بذلك أصبح جديراً بحكم مصر وفق الأسس الديموقراطيّة المتعارف عليها شأنه في ذلك شأن أي شخص في العالم يمر من خلال نفس النافذة.
مشكلة الدكتور مرسي أنّه لم يتمكّن من حكم مصر كوطني مصري وإنّما حكمها كإخواني، ولم يحكمها كشخص متعلّم وإنسان مهني له تاريخ أكاديمي محترم وإنّما حكم مصر من خلال عقليّة إخوانيّة شبقة للسلطة بعد أن جرت وراءها لأكثر من 85 سنة، وحالما تمكّن هذا التنظيم من إستلام السلطة في مصر فإنّه فرح بها إلى درجة أنّ تنظيم الإخوان المسلمون نظر إليها على أنّها فرصة العمر التي لا يجب تضييعها مهما كانت الأسباب. الدكتور محمد مرسي وجد نفسه برغبته أو بدون رغبته ممثّلاً لهذا التفكير الإخواني من المقدّمة (الواجهة) وبذلك فقد كان ربّما هو الضحيّة الأكبر.
شرعيّة تلغي شرعيّة
نحن نعرف جيّداً بأنّ الدكتور محمد مرسي كان قد أصبح رئيساً لمصر بناء على نتائج إنتخابات منصفة ونظيفة وشفّافة ومن ثمّ فقد أصبح رئيساً لمصر وفق شرعيّة كان الشعب المصري هو من أوجدها.
من هنا يصبح السؤال المطروح: وكيف يمكن للجيش الإعتداء على هذه الشرعيّة الديموقراطيّة، وهل يعتبر ما قام به الجيش إنقلاباً على هذه الشرعيّة؟.
هذا السؤال بكل تأكيد سوف يفرض نفسه على كل المفكّرين والمعنيّين بشئون الحكم لعقود قادمة من الزمان، وقد تتباين الإجابات عليه من قبل مختلف التوجّهات ومختلف الثقافات أيضاً.
حسب إعتقادي وتخميني وحساباتي فإنّني لا أرى الكثير من الإشكال في هذه القضيّة ذلك بأنّ من أوجد الشرعيّة في المرّة الأولى هو الشعب المصري وهو نفسه الشعب المصري الذي أوجد شرعيّة بديلة وبنفس الزخم ألغت الشرعيّة السابقة ووضعت مكانها شرعيّة جديدة فرضت الإستغناء عن الرئيس محمد مرسي لأسباب أصبحت واضحة بالنسبة لجموع الناس التي خرجت للشوارع والتي وقّعت على عريضة حجب الثقة عنه، ومن ثمّ فإنّ عزل الدكتور محمد مرسي لم يكن بفعل الجيش وإنّما بفعل نفس الشعب الذي سانده وإنتخبه في المرّة السابقة وكل ما قام به الجيش كان توفيرة للآليّة التي نفذّت عمليّة "العزل" لكن الجيش ما كان ليقدم على عزل رئيس منتخب لولا ذلك التفويض الشعبي الذي قضى بذلك، ومن هنا فإن تنحية الرئيس مرسي لم تكن مخالفة للدستور خاصّة في غياب برلمان يحاسب الرئيس على مخالفاته ويقاضيه على إخفاقاته بحيث قام الشعب بدور البرلمان وفي هذا ربّما نستشف تطبيقاً لديموقراطيّة مباشرة أوجدها غياب برلمان يمثّل أعضاءه المنتخبين هذا الشعب.
خطّة مبرمجة ومحبوكة
يذهب البعض إلى التفكير بأن كل ما حدث في مصر يوم 3 يولويو 2013 لم يكن عملاً عفويّاً قام به الشعب المصري بطريقة تلقائيّة وبريئة، بلأ إنّه كان من خلال مخطط معد سلفاً ربّما كان قد نسجت خيوطه في بلاد أخرى قد تكون الولايات المتحدة أولاها وربّما تعتبر "إسرائيل" من بينها، وهذا المخطّط كانت قد كتبت فصوله منذ فترة وهدفه الجوهري القضاء على "الإسلام السياسي"، خاصّة بعد ذلك الإستحواذ للتنظيمات الإسلاميّة على السلطة في الكثير من البلاد العربيّة من بينها مصر وليبيا وتونس والمغرب والسوان وربما العراق أيضاً وقدتكون سوريا هي الدولة التي تنتظر حكم الإسلاميّين ومن ثمّ بدأت الشكوك تحوم هنا وهناك في بلاد العالم الغربي - وإسرائيل بينها - عن جدوى حكم الإسلاميّين ومدى إعتقاد هؤلاء بالديموقراطية كمنهاج حكم، ثمّ يأتي بعد ذلك الخوف من الإسلاميّين نتيجة لإرتباط التنظيمات الإسلاميّة الوثيق بالقاعدة و"الإسلام الجهادي" وهذا أكثر ما يخيف الدولة العبريّة بقدر ما يخيف الدول الغربيّة بما فيها الولايات المتحدة الأمريكيّة وكنداء وأستراليا.
الخطة كما يعتقد البعض بدت خطواتها العمليّة بذلك الإنقلاب المفاجئ في دولة قطر وذلك بإحلال الأمير تميم بن حمد آل ثاني محل أبيه الذي يعتبر من أكبر المؤيّدين لتنظيم الإخوان المسلمين في كل البلاد التي تمكّن فيها هذا التنظيم من الوصول إلى السلطة من خلال صناديق الإنتخاب.
الشيخ تميم بن حمد آل ثاني هو أحد أبناء الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني من زوجته الشيخة موزة بنت ناصر المسند وهو كان قد درس في بريطانيا من الثانوي وحتى أكاديميّة ساندهيرست العسكرية التي تخرّج منها في العام 2000 ليعود بعدها إلى قطر ويستلم ولاية العهد من أخيه جاسم بن خليفة آل ثاني وظلّ كذلك حتى إستلم حكم الإمارة من والده ربما لبرنامج متفق عليه سلفاً يمهّد الطريق لإقصاء تنظيمات الإخوان المسلمين في البلاد التي حقّقت فيها تلك التنظيمات نجاحات إنتخابيّة مكّنت أعضاءها من إستلام أو المشاركة في السلطة في عدد من البلاد العربيّة المهمّة.
المؤيّدون لفكرة "التخطيط المسبق" لما حدث في مصر هذا اليوم يقولون بأن أمركا هي اللاعب الخفي في هذه اللعبة وبأنّها سوف تكون الراعي الخفي لتغييرات سوف تشهدها المنطقة العربيّة تهدف إلى إيصال المتعاطفين معها إلى السلطة لتنفيذ برامج أمريكيّة في المنطقة تهدف إلى فرض حل نهائي ومستديم لمشكلة الشرق الأوسط الرئيسيّة وهي قضية "فلسطين" بما يفرض وجود الكيان الصهيوني في المنطقة وبمباركة الجميع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
الرجاء وضع تعليقك