إستولت المملكة الإيطاليّة على برقة
وطرابلس من الدولة العثمانيّة خلال الحرب العثمانيّة - الإيطاليّة...
بمعنى أن ليبيا
كانت مقسّمة في عهد الإدارة العثمانيّة إلى إقليمين مستقلّين، وقد حافظ المستعمر الإيطالي في البداية على التقسيم العثماني، ثم قام بعد ذلك بتوحيد الإقليمين تحت إسم "ليبيا الإيطاليّة" عام 1934.
من الناحية الإدارية تنقسم ليبيا الإيطالية إلى 5 أقاليم هي: طرابلس وبنغازي ومصراته ودرنة والصحراء الليبية،
وأصبحت مدينة طرابلس عاصمة للبلاد.
كانت مقسّمة في عهد الإدارة العثمانيّة إلى إقليمين مستقلّين، وقد حافظ المستعمر الإيطالي في البداية على التقسيم العثماني، ثم قام بعد ذلك بتوحيد الإقليمين تحت إسم "ليبيا الإيطاليّة" عام 1934.
من الناحية الإدارية تنقسم ليبيا الإيطالية إلى 5 أقاليم هي: طرابلس وبنغازي ومصراته ودرنة والصحراء الليبية،
وأصبحت مدينة طرابلس عاصمة للبلاد.
بعد إنتصار الحلفاء في الحرب العالميّة الثانية
على دول المحور بما فيها إيطاليا بدون شك، تم تقسيم ليبيا من جديد إلى ثلاثة مناطق
جغرافيّة وإستراتيجيّة بهدف إحكام السيطرة عليها والإبقاء عليها مقسّمة حتى لا تتكوّن
في شمال أفريقيا دولة كبيرة المساحة إسمها ليبيا. كانت التقسيمات الجغرافيّة معتمدة
أساساً على نتائج تلك الحرب، بحيث إحتفظت فرنسا بسيطرتها على مناطق الجنوب والتي
أطلقوا عليها "إقليم فزّان" فأعتبر بذلك أمتداداً للمستعمرات الفرنسيّة
في شمال ووسط أفريقيا. وحافظت بريطانيا على سيطرتها على المناطق الشرقيّة مع إحياء
التقسيم الجغرافي القديم والمسمّى بإقليم برقة.
بريطانيا كما نعرف أتت إلى ليبيا من الشرق (مصر
والسودان) وعملت على الحفاظ على مستعمراتها في شمال شرق أفريقيا كجزء من
إمبراطوريّتها التي كانت في أقوى أيّامها حينها. ومن أجل الحفاظ على ليبيا ضعيفة
وتحت السيطرة، ربما بهدف تقسيم البلاد مستقبلاً، عيّنت بريطانيا إدريس السنوسي –
وهو كان موالياً لها في مصر بجيش صغير تم تشكيله بناء على مقترحات إنجليزيّة في
بدايات الأربعينات للحرب مع الحلفاء – أميراً لبرقة بهدف ترقيته إلى مرتبة ملك على
هذا الجزء من ليبيا، والذي ربما كان مخطّطاً له بأن يتحوّل إلى مملكة مستقلّة تسمى
"مملكة برقة". أمّا الجزء الغربي من ليبيا فقد حرّرته القوّات
الأمريكيّة التي جاءت لتدعم القوّات الإنجليزيّة حين كانت تواجه مقاومة شرسة من
قبل القوّات الإيطاليّة في هذه المنطقة في عام 1943 ممّا أدّى إلى إنتصار قوّات
الحلفاء في نهاية المطاف، ممّا مكّن الإنجليزمن ضم المناطق الغربيّة من ليبيا
لسيطرتهم تحت إسم "إقليم طرابلس الغرب".
وكما يعرف الكثير منكم
فإنّه رغم هزيمة إيطاليا في الحرب، فإنّها ظلّت من الناحية القانونية تتمتّع
بالسيادة على جميع مستعمراتها السابقة ومنها ليبيا، ولم توقّع معاهدة الصلح بين
أيطاليا ودول الحلفاء الا في سبتمبر1947 وتركت قضيّة التصرّف في المستعمرات
الأيطالية للدول الأربع الكبرى التي وقّعت معاهدة الصلح مع أيطاليا. فوقعت برقة
وطرابلس في الفترة من 1943 حتي 1951 تحت الإدارة البريطانية، بينما خضعت فزّان
للسيطرة الفرنسية ذلك وفقا لمعاهدة السلام 1947 حيث تخلّت إيطاليا عن جميع
مطالباتها بليبيا كجزء مكمّل للمملكة الإيطاليّة.
وعودة إلى
تاريخ ليبيا الحديث، فربّما يعرف الكثير منكم تلك الملابسات
التي أدّت بالمجلس الوطني الانتقالي إلى إجراء التعديل الدستوري الأوّل على المادة
30 من الإعلان الدستوري، بحيث تتكوّن لجنة لإعداد الدستورمن ستين عضو، يمثّلون
بنسب متساوية أقاليم ليبيا الثلاثة الموروثة من تقسيمات ما بعد الحرب العالمية
الثانية: برقة وطرابلس وفزان، بواقع عشرين عضوعن كل إقليم.
وربّما يعرف أغلبنا أيضاً بأن أهم عامل مؤثر في الاتجاه إلى
هذه الفكرة كان تلك الضغوط التي أخذت تمارسها تلك الأقليّة في المناطق الشرقيّة
التي دعت إلى النظام الفيدرالي لأسباب لم نتمكّن من معرفة كنهها. كانت تلك
الأقليّة التي بكل تأكيد لا تعبّر عن رأي المناطق الشرقيّة في بلادنا الحبيبة،
وبكل تأكيد لا تعبّر عن شعب ليبيا بأية كيفيّة... كانت هذه الفئة تؤمن بأن النظام
الفيدرالي هو الأنسب لبناء الدولة الجديدة وكانت نقطة الإرتكاز التي إعتمدوها
لدغدغة مشاعر أهالي المناطق الشرقيّة هي المركزيّة وتهميش المناطق الشرقيّة التي
كانت ديدن نظام الطاغية القذّافي ووسيلته للبقاء على أهالي المناطق الشرقيّة تحت
السيطرة حيث كانوا دائماً يشكّلون تحدّياً سافراً لنظام حكمه ومنذ أواسط
السبعينات.
دعى الفيدراليّون إلى العودة إلى نظام الولايات الثلاث الذي
كانت عليه البلاد حتى عام 1963 حين تمّ تعديل الدستور الوطني وتبنّي نظام الدولة
الواحدة بما صاحبه من إلغاء للفيدراليّة، وكان ذلك كما نعرف مطلباً شعبيّاً
وبرلمانيّاً أضطر له الملك تحت ضغط جماهيري كبير ومؤثّر.
بدأ الفيدراليّون من أجل تنفيذ برنامجهم الإنفصالي في تبني
تلك المسمّيات القديمة، بل والإصرارعليها في خطابهم السياسي والإعلامي، ثم من خلال
المؤتمرات الكثيرة التي عقدوها بهذا الخصوص والتي قاطعتها أغلب الفعاليّات
السياسيّة والشعبيّة في المناطق الشرقيّة، ولم تكترث بها كل المناطق الغربيّة، مع
وجود بعض الأصوات المؤيّدة في المناطق الجنوبيّة. كذلك حاول الفيدراليّون تدعيم مواقفهم
وذلك بإصدارمقرّرات كان من بينها تشكيل "مجلس إقليم برقة"، ثم تشكيل قوّة
عسكريّة تابعة له سميّت "مجلس برقة العسكري"، وكذلك بقيّة الممارسات "العنفوانيّة"
والتي إتسمت بالتهديد بالعنف وإستخدام القوة في فرض آرائهم، حتى بلغت حد الخروج
إلى حيز التنفيذ الفعلي بما في ذلك العمل على توقيف كل أنواع التواصل بين غرب
ليبيا وشرقها والعمل على إيقاف تصدير النفط والغاز من البريقة وطبرق، وتلك
المحاولات الجادّة لإلغاء الإنتخابات العامّة في البلاد في شهر يوليو من العام
الماضي.
وقد فعلت تلك الممارسات والدعوات فعلها في الساحة السياسية،
فإذا بها أخذت تتطور وتتصاعد حتى أجبرت المجلس الوطني الانتقالي على الاستجابة لها
مرغماً؛ فكان التعديل الدستوري "المفروض" والذي تحدّث عن تشكيل لجنة
إعداد الدستور من ستّين عضو، على غرار لجنة الستّين التي تشكّلت قبل إعلان إستقلال
ليبيا، والتي وضعت فيما بعد دستور البلاد في عام 1951م كما نعرف.
وفي حين ظنّ المجلس الوطني الانتقالي أنه جاء بحل لمشكلة،
فإذا بنا نكتشف مع تطور الأحداث ومساراتها أنه لم يفعل في حقيقة الأمر أكثر من "خلق
مشكلة" وجد الليبيّون والليبيّات على صعيد كل الوطن أنفسهم يعانون من
تداعياتها، فكان ذلك التعديل الدستوري المفروض مدعاة للتجاذب والتصارع من أجل
البحث عن حلّ لها... أو على الأقل مخرج منها.
وحين بدأ المجلس الوطني المنتخب من قبل جماهير الشعب الليبي الحديث من جديد عن لجنة (الستين)، فإنّه لم يفعل أكثر من تبنّي تعديلات المجلس الإنتقالي الغير منتخب، ملتزماً بتقسم البلاد بالتساوي إلى ثلاث أقاليم جغرافيّة محافظاً على التقسيمة الإستعماريّة القديمة التي كانت قد عملت من أجل تسهيل السيطرة على مناطق ليبيا الشاسعة، وبناء على إتفاقات بين الدول الكبرى المنتصرة في الحرب العالميّة الثانية؛ وذلك التقسيم لم يكن مطلقاً من أجل تطوّر البلاد أو خدمة العباد في هذا الوطن.
لم يفعل قرار المؤتمر الوطني بالحفاظ على لجنة الستّين في
الحقيقة أكثر من أنّه عاد بنا إلى ما قبل عام 1951م، عندما كانت ليبيا في ذلك
الوقت مقسّمة واقعيّاً (ديموغرافيا وجغرافيا وسياسياً) إلى ثلاثة مناطق على هيئة
أشباه دول مستقلّة، كان كل قسم منها معزولاً ومنفصلاً عن الأخريين فصلاً شبه تام،
يجعل من غير المنطقي ولا الواقعي التفكير في ضمّها - بمجرّد نصّ في ورقة تسمّى "الدستور"-
في كيان واحد.
وإنّي من هذا المنطلق أطرح هذا الموضوع للنقاش بين الإخوة
أعضاء الصفحة وكل من له إهتمام بهذا الموضوع بهدف أن ندعو جميعنا المؤتمر الوطني لإعادة
النظر في تشكيل لجنة الستّين لصياغة الدستور الليبي الجديد، بحيث ربّما نقترح بأن تتكوّن
لجنة الدستور من أي رقم لا يقبل القسمة على ثلاثة، لكي نقطع الطريق عن أي تفكير قد
يساهم في خلق ليبيا مقسّمة وإلى الأبد الذي قد يهدّد مستقبلاً بتقسيم البلاد إلى
ثلاثة دول كما حدث في السودان، وفي تشيكوسلوفاكيا، وفي الإتحاد السوفييتي، وما قد
يحدث قريباً في العراق.
فلنقترح مثلا لجنة إعداد الدستور تتشكّل من 100 عضو ينتخبهم الشعب في كل ليبيا
من خلال إنتخابات حرّة ومباشرة، وفق معايير محددة، تضمن بأن يكون هؤلاء الأعضاء
المؤسّسين للجنة إعداد الدستورممثّلين لمختلف شرائح وفئات الشعب الليبي، ومعبّرين
عن مجمل القناعات والمبادئ التي يتفق عليها الشعب الليبي في أغلبيّته.
بالطبع.. من الممكن لهذه اللجنة بأن تستعين بمختصّين في
القانون الدستوري من داخل البلاد ومن خارجها، لصياغة تلك القناعات والمبادئ
الصياغة القانونية المناسبة. وليكن شعارنا منذ الآن فصاعداً... إن ليبيا واحدة،
ولا تقبل القسمة على ثلاثة.
كيييف اتسجيل في انتخبااات الدستــور
ردحذف