في تصريح لصحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية نشرته اليوم ، كشفت مصادر رفيعة المستوى في المجلس الوطني الانتقالي النقاب أمس عن أن رئيس المجلس المستشار مصطفى عبد الجليل ما زال غاضبا من ممارسات بعض التيارات السياسية ذات الصبغة الإسلامية ، مشيرة إلى أن الدكتور محمود جبريل رئيس المكتب التنفيذي التابع للمجلس يشارك السيد عبد الجليل نفس الشعور.
ووفقا للصحيفة ، فإن رئيس وأعضاء المجلس الانتقالي يسعون إلى إقناع الإسلاميين المسلحين بالتخلّي عن السلاح الذي حملوه على مدى نحو سبعة شهور للإطاحة بنظام الطاغية القذافي، والإسهام في فرض الأمن والاستقرار في كل أنحاء الدولة الليبية وخاصة مدينة طرابلس.
وتقول مصادر في المجلس الانتقالي للصحيفة إن "جماعات إسلامية" كثيرة طالبت المجلس الانتقالي بحصّة في الحكومة الجديدة التي يعكف جبريل على تشكيلها لإدارة المرحلة الانتقالية على مدى الشهور ال8 المقبلة.
وقال مسؤولون في المجلس إن نفوذ "الإسلاميّين" المتصاعد في طرابلس قد يؤدي إلى صدام سياسي وعسكري بين هذه الجماعات والمجلس الانتقالي في أي وقت، وربما إلى صراع بين هذه الجماعات نفسها.
وقال مسؤول في المجلس :"الجميع يتصوّر أن السلطة كعكة يمكن اقتسامها..... نريد أن تمضي الأمور بشكل جيد ، وتمكين البلاد من عبور المرحلة الانتقالية للوصول إلى انتخابات برلمانية ورئاسية نزيهة تتسع للجميع".
وأضاف المسؤول ، الذي طلب عدم ذكر إسمه : "البعض يتلهّف على أن يجد لنفسه ولتياره السياسي مكانا في الصورة .... هذا أمر طبيعي؛ ولكن استمراره قد يطيح بالثورة، ويهدد محاولات المجلس الانتقالي لقيادة ليبيا بشكل سلس وهادئ ، وإعدادها لمرحلة ما بعد القذافي".
وتعليقي على هذا الخبر:
أظنّ بأن أهل ليبيا كانوا جميعا قد عانوا من نظام حكم الطاغية القذّافي بشكل تعجز الكلمات عن وصفه، وهذا العناء لم يميّز بين منطقة وأخرى، أو بين فئة وغيرها.
من الناحية المنطقية، والطبيعية، والواقعية أيضا يجب أن يكون الليبيون قد تعلّموا دروسا وعظات لا حصر لها بذلك الشكل الذي يدفعهم جميعا إلى تركيز تفكيرهم على مستقبلهم ومستقبل بلادهم بعد أن حورب، وهمّش هذا الشعب بشكل ربما لم يسبق له مثيل في التاريخ، وبعد أن دمّرت بلادنا بقسوة أكبر من أن تصفها الكلمات.
هل أيّها الإخوة والأخوات بعد كل ذلك الذي عانيناه في عهد حكم الطاغية القذّافي، وبعد ذلك الإنتقام الذي عاملنا به حين خرجنا مسالمين نطالب بحريتنا... هل بعد كل هذا مازلنا نفكّر في أنفسنا كأفراد، ونبحث عن مجد نعرف بأن الطاغية القذافي كان قد إستمات من أجله؛ لكنه في نهاية الأمر لم يتمكّن من المحافظة عليه أو حتى مجرّد التمتع به؟.
هل تظنّون يا سادتي يا رجال ونساء ليبيا بأن البلد يمكن أن يغتصبها "أفراد" من جديد، ويسيروا بها إلى حيث يشاءون
هل آن لنا جميعا بأن نتخلّى عن هذه "الأنا" القاتله من أجل صهرها في بوتقة "نحن" حتى تتنعّم بلادنا بالهدوء والإستقرار، وحتى يتمكّن المتعلّمون منا من أداء دورهم كما يجب؟.
هل آن لنا جميعا بأن نتخلّى عن هذه "الأنا" القاتله من أجل صهرها في بوتقة "نحن" حتى تتنعّم بلادنا بالهدوء والإستقرار، وحتى يتمكّن المتعلّمون منا من أداء دورهم كما يجب؟.
العالم من حولنا كان قد تغيّر، وعلينا أيها السادة والسيّدات بأن نكون جزءا فاعلا فيه. علينا أن نشبك أيادينا ببعض، وأن نفتح قلوبنا لبعض، وأن نتخلّى عن الآنانية وحب الذات حتى يكون حبّنا خالصا لليبيا الحبيبة التي لم تبخل علينا بخيراتها؟.
لم يعد في عالم اليوم مواضع للإنغلاق، والتشبّث بفكر أو رأي معيّن لاينسجم معه الجميع؛ لأن ذلك بكل المفاهيم يعتبر رأيا أو فكرا غريبا يدخل في تصنيف "الشواذ" و "النشاز".
عالم اليوم يحتاج إلى العقل، والتفكير، والعمل وفق خطط وبرامج مدروسة تنتجها عقول مجتمعة في وسط ديموقراطي حر يتيح للناس بأن تفكّر، وتبدع؛ وهذا سوف لن يتأتّى في وجود من هم يؤمنون بأفكار عفى عليها الزمن، وبرهنت الأيام على عقمها وفشلها.
عالم اليوم هو ليس عالم الجماعات الإسلامية المتشدّدة، ولا هو عالم الأفكار الراديكاليّة المتكلّسة، ولا هو عالم الأقليّات المنزوية على نفسها، ولا هو عالم العصابة التي تفرض نفسها على الغير بقوة السلاح والترهيب..... ألم يكن هو نفس الواقع الذي كان سائدا في بلادنا ولكن بنبرة ونغمة مختلفة؟.
على إخوتنا المنتمين للتنظيمات الإسلامية المختلفة في ليبيا ( جماعة ليبية مقاتله، تنظيم الإخوان المسلمين، أعضاء حزب التحرير، من ينتمي إلى حزب الوفد، والعوده، وغيرهم من التنظيمات الإسلامية المستوردة من خارج بلادنا)... على هؤلاء جميعا أن يفيقوا من سباتهم، وأن يفتحوا عيونهم ومداركهم ليتدبّروا حولهم؛ فالعام من حولنا يا أهلنا في ليبيا والله... والله.... كان قد تغيّر، والأندلس كانت قد سقطت منذ أكثر من 5 قرون من الزمان، وبأن الخلافة الإسلاميّة التي يدعو البعض إلى عودتها كانت قد أنهت نفسها منذ العصر العبّاسي الثاني.... وعلى أن التاريخ سوف لن يعيد نفسه من جديد؛ فتلك هي سنّة الله في الأرض.
أقول لمن مازالوا يفكّرون بعقلية سلطة فقيه الأمّة، ووليّ الأمر، وإمام المسلمين، والحاكم بأمره... أقول لكم أيّها الأحبّة إن تلك التسميات لم يعد لها من يستصيغها في عالم اليوم.
إن ما يقارب من 70% من سكّان ليبيا هم من الشباب الذين لا تزيد أعمارهم عن 40 سنة وهؤلاء كلّهم كانوا قد تعلّموا بطرق ووسائل مختلفة تماما عن تعليم السابقين. شباب اليوم هم من إحتضن عالم الكمبيوتر، والشبكات الإليكترونية، والموبايل، وألاي بود، وغيرها بكلّ قوّة، وتمكّنوا منها بكل إقتدار..... وهؤلاء لايمكن لأحد بعد اليوم أن يقنعهم بالعودة إلى الوراء.
أقول لكل المنتمين للجماعات الإسلاميّة مهما كانت تسمياتها - مع إحترامي للجميع - إن هذه البضاعة التي يطرحونها اليوم سوف لن تجد لها من يتداولها بعد الآن؛ فالأولى بمن مازال ينتمي إليها، أو يؤمن بها أن يتركها ليندمج مع بقية أهل البلد حتى نتمكّن بإذن الله من بناء مجتمع ليبي جديد يؤسّس على مبادئ العلم والمعرفة، ويتسلّح بقوة العلم والإيمان؛ فالإسلام في ليبيا هو بخير، والإسلام في كل مكان في العالم هو بألف خير لأنّ للدين رب يحميه، ولدين الرب أناس يحرصون عليه في كل زمان ومكان؛ ولكن ليكن معلوما لكل المتشددين الإسلاميين بأن أكبر من أساء إلى الإسلام هم ليسوا الغرب، ولا اليهود، ولا حتى المشركين؛ وإنّما إن أكثر من أساء إلى الإسلام هم وللأسف هؤلاء المغالين في الدين، والمتشددين في تفسيره وتأويله.... ومن قد يختلف معي فليسأل عن الأثار المدمّرة على الإسلام بفعل أفعال تنظيم القاعدة المتخلّف.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
الرجاء وضع تعليقك